أقلام الثبات
بداية العام 2015، وقبل بدء التدخل الروسي في سوريا وفي لقاء مع أحد المسؤولين الروس ضمن فعاليات مؤتمر حول التعاون "الإسلامي - الروسي"، سألته: لماذا تتأخرون في التدخل في سوريا، مقابل التدخل الاميركي، لحماية سوريا وأنفسكم، لأن المشروع الاميركي في المنطقة يهدف للسيطرة المطلقة دون شريك او منافس؟
فأجابني: هذا الموضوع كان مدار نقاش على مستوى استراتيجي برئاسة الرئيس بوتين، وقرار التدخل سيكون قريباً لأن الحرب في سوريا والمنطقة ربما تدوم 10 او 20 سنة، لأنها حروب النفط والغاز.. وتابع: قرار التدخل تم ابلاغه للجهات المعنية وفق معادلة "التحالف الروسي - الشيعي"، مقابل "التحالف الأميركي - السني".
استغربت هذا المصطلح وسألته: كيف يمكن لروسيا ذات الجذور والثقافة الشيوعية التي تحكم السياسة والثقافة فيها حتى الآن، أن تستعمل مصطلحات "الشيعة والسنة"؟! فكان جوابه: نحن نتعاطى مع الموضوع الشيعي والسني في إطاره السياسي والاقتصادي وليس بالمعطى المذهبي، ونتعامل مع الواقع دون قفازات ومجاملات، و"التحالف الروسي - الشيعي" سيستمر عشرين عاما، وربما يمكن تجديدها، لأن الحرب ستكون حرب نفط وغاز، واميركا والغرب يريدون السيطرة عليه في المنطقة، ولكي يحقق أهدافه لابد من القضاء على "القوة الشيعية" او تهجيرها او تنصيب انظمة حكم تابعة لأميركا تستطيع ترويضهم، وفي دراسة اجراها الروس، وكذلك الاميركيون والغرب، تبين ان الغاز والنفط في المنطقة هو في المناطق الشيعية وفق التالي:
-النفط السعودي يوجد في المناطق الشرقية التي يسكنها الشيعة.
- النفط العراقي يحكمه الشيعة .
- النفط في إيران يحكمه الشيعة.
-النفط والغاز في سوريا ومقابل شواطئ طرطوس واللاذقية يحكمها العلويون (الشيعة)
-النفط في اليمن يحكمه الزيديون (الشيعة)
- النفط في لبنان مقابل جنوب لبنان يحكمه الشيعة، وباقي الساحل يقرّر الشيعة مصيره نتيجة تأثيرهم في الحكم في لبنان!
-النفط في البحرين على قلّته وكذلك وفي الكويت يحكمه الشيعة؛ مباشرة او بشكل غير مباشر.
لقد بدأت حرب النفط والغاز في المنطقة باسم "الربيع العربي" ونصرة "أهل السنة"؛ الشعار الكاذب للجماعات التكفيرية التي لم تناصر "سنّة غزة".. وبدأت الحرب السعودية على اليمن وهذه الحروب ستتوسّع حتى تستطيع اميركا السيطرة على موارد النفط والغاز في المنطقة، وتتحكم باقتصاديات العالم، مما يؤمّن لها السيطرة السياسية بدون غزوٍ او احتلال!
كان ذلك في العام 2015، وبعد مرور 10 سنوات على اللقاء، و14 عاما على بدء "الربيع العربي"، تتجه المنطقة لاستكمال "العقد الثاني" من حرب النفط والغاز في غزة ولبنان والمنطقة، واستطاعت أميركا ربح النفط في لبنان، مقابل شواطئ الجنوب (حقل كاريش)، واعطاءه "لإسرائيل"، واكتفى لبنان بالتقاط الصور التذكارية.
اما الشيعة في لبنان فالمشكلة معهم مزدوجة وفق التالي:
- المشكلة الأولى: المقاومة المسلحة التي هزمت "اسرائيل"، وتشكل تهديداً دائماً للكيان، والذي لم يعتد عليه منذ تأسيسه، حيث كان يخوض حروباً قصيرة ثم يفرض الأمن والسلام وفق مصالحه.
- المشكلة الثانية مشكلة اقتصادية تتعلّق بالغاز ومشكلة سياسية ونوع السلطة، حيث أن اميركا لا تستطيع التخلي عن لبنان، لأنها تتخذه قاعدة لقيادة المنطقة سياسياً وامنياُ ولهذا بنت اكبر سفارة لها في المنطقة "سفارة عوكر"!
اثبتت الوقائع صوابية الموقف والتحليل الروسي واستطاع الروس التأثير في صمود سوريا ،لكن في المرحلة الثانية من هذه الحرب ،استطاعت اميركا استدراج روسيا لحرب استنزاف مع اوكرانيا لإشغالها هناك وحتى تستطيع اميركا انجاز مشروعها دون شراكة روسية بالتلازم مع الحياد والتردد الصيني!
بعد انتهاء اللقاء صافحته موادعا... فقال لا تنسَ حرب "المضائق" التي سيكون لها دور أساس في الحرب، فالشيعة يتحكّمون بمضيقين من أصل أربعة "مضيق باب المندب" و"مضيق هرمز".
تتداخل مع المشروع الاميركي بعض المصالح المذهبية والقومية والإقليمية، مما يزيد الضغط على المقاومة في لبنان، وعلى الاسلام السياسي الشيعي المقاوم، ولذا فإن الحرب المتوحشة على لبنان لن تتوقف مهما طال وقتها، الا إذا اعلنت المقاومة الاستسلام او استطاعت المقاومة إنزال ضربات نوعية في الميدان او داخل فلسطين المحتلة، لإجبار العدو على القبول بوقف النار.
الحرب ليست لإعادة المستوطنين في الشمال ولا استرجاع الأسرى في الجنوب.. إنها حرب النفط والغاز.. ولهذا يمكن ان تطول.
أميركا والشيعة... وحروب النفط والغاز ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 04 تشرين الثاني , 2024 10:55 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة