أقلام الثبات
في الثامن من اكتوبر 2023 بدأت المقاومة حرب الإسناد، وفي الذكرى السنوية الأولى بدأت "الحرب الإسرائيلية الرابعة" على لبنان، ودخلنا حرب السنتين بعد خمسين عاماً من حرب السنتين في الحرب الأهلية اللبنانية عام 75، وبعد دخولنا في الشهر الرابع عشر لهذه الحرب، ما يطرح السؤال: هل حرب السنتين ستبقى لبنانية - "إسرائيلية"، ام انها ستتوسّع لتصبح حرباً اقليمية بمشاركة أطراف دوليين، لتكون حرباً دولية في جغرافيا الشرق الاوسط او غرب أسيا؟
مفتاح الحرب الإقليمية التي أعلنها نتنياهو بمعناها الحقيقي والشامل سيكون بيد ايران، فإذا تدخلت بشكل اوسع من معادلة الرد والرد على الرد فإن الحرب تكون قد بدأت، خصوصاً أن المشاركين فيها من الطرفين حتى الآن هم "اسرائيل" ونصف فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا وايران، وكل الدول الغربية والعربية المطبّعة مع "اسرائيل" والتي تعمل ضمن التحالف الأميركي - "الاسرائيلي"، وتؤمن الدعم الاقتصادي والغطاء السياسي والديني للعدو "الاسرائيلي" في حربه ضد غزة ولبنان، حيث تغيب الجامعة العربية ومنظمه التعاون الاسلامي عن اي حراك حقيقي لمنع العدوان، وتغيب معظم الشعوب العربية والإسلامية عن الحرب، ولا زال صيامها قائماً عن التظاهر او الاعتصام او الدعم لحركات المقاومة في فلسطين.
حدّد نتنياهو أهداف حرب السنتين، كحد ادنى "لتغيير معالم الشرق الأوسط"، وانها حرب حضارة ووجود و"ديانة ابراهيمية"، معلناً أن حربه لن تقف عند لبنان بعد فلسطين، بل ستتوسّع الى كل الجغرافيا التي تناهض شعوبها وتقاوم المشروع الاميركي ومشروع و"اسرائيل" الكبرى وان الأمر مسألة وقت للوصول الى الساحات الأخرى لإسقاطها مرهون بالوقت الذي يحتاجه اسقاط الساحة التي قبلها، فقد احتاجت إسقاط غزة سنة كاملة، وبدأ العدو محاولة اسقاط لبنان وبعد الانتهاء منه (اذا استطاع ولن يستطيع بإذن الله) سيتوجه الى العراق وايران، وربما سوريا قبلهما، ضمن استراتيجية يتّبعها مع الاميركيين (اخدع وفرّق الساحات.. تنتصر).
تحاذر إيران حتى اللحظة من الوقوع في فخ الحرب الإقليمية الواسعة، لأنها تعرف ان اميركا تنتظر لحظة الثأر من الثورة منذ 40 عاماً، وقد جهّزت العدة والعديد والحلفاء لتوجيه الضربة القاضية للثورة والتخلص من العقبة الرئيسية والقوة التي تواجه المشروع الاميركي في منطقه الشرق الاوسط، وتمنع "صفقة القرن" والتطبيع والسيطرة على المنطقة، لكن السؤال المطروح:
هل تأخير الدخول في الحرب سيمنع اميركا و"اسرائيل" وحلفاءهما من مشروع تغيير المنطقة؟
هل التأخير بمشروع وحدة الساحات سينقذ الساحات، أم انه سيسقطها واحدة تلو الأخرى؟
هل ان التفاوض مع اميركا المخادعة يحقق وقف النار ويمنع سقوط وهزيمة حركات المقاومة؟
الجواب جاء على لسان الرئيس الإيراني "بزشكيان" الذي صرّح بأن اميركا خَدعت إيران عندما تعهّدت بوقف النار في غزة إذا امتنعت إيران عن الرد ثاراً لاغتيال إسماعيل هنية، فلم توقف النار، بل اغتالت "السيد الشهيد"!
والجواب الثاني جاء على لسان الوزير جنبلاط عندما قال إن الرئيسين بري وميقاتي قد خُدعا وخُذلا من هوكشتاين الأميركي.
هدّدت إيران بالرد على الرد "الاسرائيلي"، وتوقعت اميركا ان الرد سيكون خلال الايام القادمة، وحشدت طائراتها، فهل يكون حجم الرد الايراني بداية الحرب الإقليمية الشاملة ام مفتاح وقف النار الشامل لإنقاذ المنطقة من الحرب الشاملة؟
بدأت حرب السنتين قبل 50 عاماً بحادث بسيط وامتدت 15 عاما حتى اتفاق الطائف.. ولم تنته بعد.
وبدأت حرب السنتين بمشاغلة الجيش "الاسرائيلي"، وتطوّرت الى حرب تدميرية للبنان ولا نعرف متى تنتهي، وعلينا الاستعداد لها، وتغيير اساليب عيشنا ومشاريعنا وأساليب مواجهتها، فربما طالت الحرب حتى تكمل عامها الثاني او ربما تطول أكثر، وندعو الله تعالى ان ينصر المقاومين ويوفّقهم لضربات نوعية وكبيرة تُجبر الاحتلال واميركا على وقف النار وإنهاء الحرب، فلن يوقف الحرب ويفرض وقف النار سوى الميدان.
حرب السنتين.. هل تتحول إقليمية؟ _ د. نسيب حطيط
الأحد 03 تشرين الثاني , 2024 04:41 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة