أقلام الثبات
إن الباحث في هيكلية التأثير في الحكم في الولايات المتحدة يجد أن هناك مجموعة مختلطة ومركّبة من عناصر حكومية واستخبارية وجماعات مالية وصناعية وعسكرية وإعلامية، قادرة على التأثير في قرارات حكام الولايات المتحدة الأميركية وفي وصول المرشحين الرئاسيين، وأبرزهم وول ستريت، سيليكون فالي، المجمع الصناعي العسكري، وكالات الأمن القومي، البنتاغون، شركات النفط العملاقة، وغيرها، وهي جميعها باتت أجزاءً من "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة.
هل ترامب فعلاً ضد الدولة العميقة؟
إن التدقيق في إدارات ترامب ومساعديه والمصالح التي سعى لأجلها خلال فترة ولايته السابقة، يشير إلى أن ترامب كان يمثّل مصالح أجنحة من الدولة العميقة بينما تعمل ضده أجنحة أخرى.
لقد تحالفت إدارة ترامب مع عدد من عمالقة المال في وول ستريت، ومجموعات النفط، وخصوصاً النفط الصخري، بالإضافة إلى مجموعة من الجنرالات، ومن أصحاب نظريات الإسلاموفوبيا، والقوميين البيض، والكنائس الإنجيلية المحافظة. وكانت إدارته السابقة تضمّ عدداً من الناس القادمين من عالم الأعمال، والفاحشي الثراء، ومجموعة من متعهدي الشركات الأمنية الخاصة، وخبراء في العمل في وول ستريت والبنوك ومجموعة روتشيلد، وليمان برزر Lehman Brothers’، وغيرهم.
وعليه، أين يقف أركان الدولة العميقة حالياً في الصراع بين كامالا هاريس ودونالد ترامب؟
البنتاغون:
بالرغم من أن دونالد ترامب قام بإقرارر زيادة كبيرة على موازنة الدفاع الأميركية، إلا أن انتقاده للناتو وبعض التصريحات التي أطلقها سابقاً تجعل هاريس مفضلة أكثر لأنها استمرار لسياسة بايدن التي حظيت بتأييد واسع من الجنرالات.
وكالات الاستخبارات:
كانت علاقة إدارة ترامب مع مسؤولي الاستخبارات متوترة، وخاصة بالنظر إلى انتقاداته لوكالات مثل وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن قضايا تتعلق بروسيا والمراقبة الداخلية. المرشحة المفضلة هي هاريس بسبب تركيز إدارة بايدن على تعزيز التحالفات التقليدية والنهج الأقل عدائية تجاه الاستخبارات.
البيروقراطية الفيدرالية
تميل البيروقراطية الفيدرالية، التي تضم موظفي الخدمة المدنية المحترفين، إلى تفضيل الاستقرار والاستمرارية في الحكومة. من هنا، يُنظر إلى كامالا هاريس على أنها خيار أكثر استقرارًا بسبب توافقها مع سياسات الإدارة الحالية في دعم الحكومة والمؤسسات الفيدرالية وتوسيعها.
المجمّع الصناعي العسكري:
من الطبيعي أن تؤيد شركات تصنيع السلاح الأميركي المرشحة كامالا هاريس، فالحروب المتنقلة في العالم سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط واحتمال توسيع الحرب الى شرق آسيا لمواجهة الصين، قد أثرى شركات السلاح الأميركية، وبالتالي لهم مصلحة في استمرار الحروب العسكرية التي يقول ترامب أنه سيوقفها.
شركات النفط
يستمر تحالف ترامب القوي مع شركات النفط الصخري وكان ترامب قد وعد بإقرار زيادة انتاج النفط من أجل تخفيض الاسعار ولأنه يعتقد أن الولايات المتحدة لديها مخزون كافٍ لسنوات طويلة يجب استثماره. سابقاً، انسحب ترامب من أجل هذا القطاع من اتفاقية باريس للمناخ. وما اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، إلّا لخدمة شركة النفط الأميركية، "جيني" (ديك تشيني، روتشيلد، ماردوخ…)، التي استحصلت على عقود استخراج النفط هناك منذ نحو أكثر من عقد من الزمن.
وبالرغم ن أن شركات النفط الأميركية نفسها استفادت من الحرب الروسية الأوكرانية، وشراء الأوروبيين النفط والغاز الأميركيَّين بأربعة أضعاف السعر العالمي، بعد أن أعلن الغرب خطة التخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية، لكن تركيز المرشحين الديمقراطيين على تشجيع السياسات الخضراء والتحوّل الى الطاقة البديلة لإرضاء الجناح التقدمي تجعل شركات النفط تفضل ترامب.
القطاع المالي (وول ستريت)
يمكن أن تكون تفضيلات وول ستريت مختلطة، ولكن بشكل عام، يفضل القطاع المالي المرشحين الذين يروجون لإلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب. غالبًا ما يُنظر إلى دونالد ترامب على أنه المرشح المفضل بسبب سياساته بشأن التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، والتي تصب في صالح الأسواق المالية.
شركات التكنولوجيا الكبرى
صناعة التكنولوجيا منقسمة، مع وجود دعم كبير لكلا المرشحين. تتمتع كامالا هاريس بعلاقات قوية مع شركات السيليكون فالي وتلقت دعمًا مالياً كبيرًا من قادة شركات التكنولوجيا. ومع ذلك، يتمتع دونالد ترامب أيضًا بدعم ملحوظ من مليارديرات التكنولوجيا مثل إيلون ماسك وغيره.