أقلام الثبات
تحت شعار "حتى لا يضيع العام الدراسي"، أعلنت وزاره التربية بدء العام الدراسي حضوريا لمن استطاع و"عن بعد" لمن لا يستطع من النازحين والمقاومين والجرحى ومفقودي الأثر..
ونسأل: ألا تعلم الوزارة أن المدارس والجامعات "محشوّة" بالنازحين الأيتام والامهات الثكالى الذين لم يحملوا ثيابهم او بطاقات هويتهم او شهاداتهم، ففرّوا من القصف "الإسرائيلي"، للنجاة، فوقعوا تحت قصف التعليم عن بعد!
ألا يعلم من أتخذ القرار ومن أيّده ان بدء التعليم سيهجّر المقيمين في المؤسسات التربوية مرة ثانية؟
الا يعلم من أتخذ القرار وأيّده أن أكثر من مليون لبناني نازح مشتّتون في لبنان وسوريا والعراق وكل دول العالم؟
كيف يمكن للنازحين الخائفين ان يتعلّموا وهم لا يحملون كمبيوتراً، ولا يتوفّر عندهم انترنت ولا كهرباء، ويقيم العشرة او العشرون شخصاً في غرفة واحدة؟
ألا يعلم من اتخذ القرار وأيّده أن النازحين يعيشون في الشوارع نهارا ثم يبيتون في علب السردين ليلاً او في سياراتهم او الحدائق العامة؟
ألا يعلم من اتخذ القرار ان مدارس ميس الجبل وبليدا و يارون ومارون والضاحية والبقاع قد دمّرها الاحتلال و قتلوهجّر اساتذتها وطلابها!
الا يعلم من اتخذ القرار وايّده انه حتى الان هناك 15 ألف شهيد وجريح ،مما يعني ان 15000 عائلة مع اقاربها، تعيش الحزن والقلق والانشغال بجرحاها وأيتامها!
نحن من ندافع عن لبنان حتى لا يضيع وعن الأمة حتى لا تنهزم وعن الشرف حتى لا يُعدم.. لا نقبل ان يضيع العام الدراسي... لكننا نسأل:
هل قرار بدء العام الدراسي ونهايته لا يمكن تعديله وتغييره، خصوصاً وان هذه الدولة ومسؤوليها واحزابها، يعبثون بالقانون والدستور، ساعة يشاؤون حرصاً على مصالحهم ونذكّرهم انه في الحرب الأهلية التي اشعلتها بعض أحزاب لبنان التي تحاسب المقاومة الآن اضطررنا لإنجاز (عامين دراسيين في عام واحد) واذكر اننا تعلمنا البكالوريا القسم الاول من تشرين الى شباط والبكالوريا قسم الثاني من شباط الى تموز وفي عام آخر تم اعطاء الافادات، لكل الذين يتابعون البكالوريا القسم الثاني وتم السماح لهم بالتسجيل في الجامعة، فاذا نجحوا في السنة الاولى اعطيت لهم شهادة البكالوريا وذلك بسبب الحرب الأهلية وحروب الاحزاب الداخلية ولم يكن القصف والتدمير والمجازر بالمستوى الذي يتعرّض له بعض اللبنانيين كما الآن!
ونذكّر الحريصين على العام الدراسي، بإضرابات الأساتذة الجامعيين والمعلمين التي كانت تعطل التعليم شهراً او شهرين.. لتحسين الرواتب فليفترضوا ان الأساتذة والطلاب قد أعلنوا الإضراب لحماية وطن وشعب من الحرب "الإسرائيلية".
فإذا كانت الأحزاب قد شرّعت قوانينها، للحرب الأهلية المشاركة فيها ... فلماذا لا تُشرّع قوانين "للتعليم" تتصدى للحرب الإسرائيلية على لبنان ..وللتذكير فإن الأحزاب نفسها في الحربين!
لم يتأخر الوقت بعد لإنقاذ العام الدراسي ولايزال الوقت متاحاً ويمكن تأخيره شهراً او شهرين لمعرفة مصير هذه الحرب ونهايتها ومعرفه مصير جزء من الشعب اللبناني المهجّر والنازح والمقتول ويمكن تمديد العام الدراسي الى الصيف لتعويض ما ضاع.
إذا كان من اتخذ القرار او ايّده او صمت عنه ، يعيش في بيته او شقته الفاخرة وينعم بالكهرباء والانترنت والتكييف فلا يعني ان مليون نازح يعيشون مثله حتى يستطيعوا متابعه التعليم عن بعد او عن قرب!
اننا نلفت انتباه المسؤولين ان الاستمرار في قرار "التعليم عن بعد" هو طعن للمقاومة والمقاومين والأهل النازحين واعلان التبرؤ منهم والقول لهم.. اذهبوا وقاتلوا وموتوا لوحدكم، أما نحن بقية اللبنانيين فسنعود الى حياتنا الطبيعية تعليما ورقصا ومطاعم دون التفات لحربكم!
ونحن نقول لكم كما قال الامام الصدر (لا نقبل ان يبتسم لبنان ...ويبقى جنوبه متألماً) ولا نقبل ان يُدمّر الجنوب ويُهجَّر أهله ويبقى لبنان متعلّماً!
لسنا المسؤولين عن الحرب، بل الدولة التي تركتنا والاحزاب التي افتعلت الحرب الأهلية والأمة التي طبّعت وارادت فرض التطبيع علينا، والمنظمات الفلسطينية التي احتضناها في الجنوب بناء قرار الدولة اللبنانية التي وقّعت "اتفاق القاهرة" التي لم نوقعه نحن، ولم نكن شركاء في الحكم بل الدولة (برئاسة شارل حلو) والمسؤول الأساس هو العدو الإسرائيلي الطامع بأرضنا ومياهنا!
نناشد المسؤولين التراجع عن هذا القرار حفظاً لوطنيّتهم ونطلب من الأساتذة والطلاب والموظفين النازحين خصوصاً والوطنيين عموماً ان يقاطعوا هذا التعليم !
ونطالب المكاتب التربوية لقوى المقاومة ونوابها ووزرائها الصامتين ،المبادرة لإعلان موقفهم الذي يحفظ حقوق اهلهم ...
أهلنا يتحملون القتل والتدمير والنزوح والعذابات ...إكراماً للشهداء والمقاومين ..فلا تحرجوهم أكثر ...
في وطن مقسّم؛ بعضهم يريد التعليم عن بعد، ونحن نقاوم ونستشهد عن قرب!
النازحون.. شهداء مجزرة التعليم عن بُعد ــ د. نسيب حطيط
الأربعاء 30 تشرين الأول , 2024 11:28 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة