أقلام الثبات
يمارس بعض اللبنانيين سياسة النعامة في تعاميهم عن الخطر "الإسرائيلي" المحدق بلبنان، وفي تجاهلهم للأطماع الصهيونية الصريحة والعلنية، بأرضه ومياهه، باعتبار لبنان جزءاً من التلفيقات التلمودية، التي تقول {حدودك يا "إسرائيل" من الفرات إلى النيل}.
ومن المخجل أن هذا البعض ينظر للكيان "الإسرائيلي" الدخيل القائم فوق أرض فلسطين باعتباره "جاراً" ودوداً وليس عدواً ديدنه العدوان وهدفه التوسع ووسيلته القتل والتدمير.
ولذلك نجد هذا البعض يرفض إلى درجة الجنون سلاح المقاومة، الذي يتصدى للعدوانية "الإسرائيلية" ولأطماعها التوسعية، علماً أنه السلاح الوحيد الذي يحمي لبنان هذه الأيام، من العدوان الصهيوني، المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وخلفهما تحالف غربي وعربي، يأتمر بأوامر البيت الأبيض واللوبي اليهودي، الذي يدير أميركا قاطبة.
واللافت أن هذا البعض يترجم محلياً كل ما تأمر به الإدارة الأميركية، التي تلتزم حماية الكيان "الإسرائيلي"، وتؤمن له كل ما يحتاجه من مال وسلاح ودعم سياسي؛ وحتى أنها ترسل أساطيلها لضرب كل من يقرر التصدي لهذا الكيان الشيطاني، دفاعاً عن وطنه وأرضه وكرامته وناسه.
وجديد هذا البعض، أنه كعادته، يلتحق بالمشاريع الأميركية وخططها للمنطقة العربية، بما فيها لبنان؛ والتي تخدم الكيان الدخيل العدواني. فالعدو "الإسرائيلي" يستغل حالة الركود والموات العربية، بعد أن أزيحت كل الأنظمة والحكومات والزعامات العربية، التي رفضت الخضوع للغزوة الصهيونية؛ فباتت الحالة العربية "تطبيعية" ذليلة وقليلة دين وإيمان، عبر تراجعها عن قول الحق جل وعلى "الدين عند الله الإسلام"، فباتت ديانة المتصهينين من العرب حكاماً وأتباعاً، ديانة مبتدعة اسمها "الإبراهيمية"، هي قناع يهودي للسيطرة على الأديان الأخرى والنطق باسمها. وهذا البعض اللبناني، المتصهين في تبعيته للغرب وفي عمالته للكيان الصهيوني، يستقتل للالتحاق بطابور المطبعين المتصهينين من العرب، ليس خضوعاً لأوامر أميركا والغرب فحسب، بل لأن المطبعين العرب هم من أصحاب الثروات، التي يغدقونها عليه، مقابل أن يبيع نفسه ووطنه وكرامته ويلتحق بهم.
وقادة الكيان الصهيوني يجدون في هذا الواقع فرصة تاريخية لتحقيق مشاريعهم، لـ"تغيير وجه الشرق الأوسط"؛ ولإقامة "شرق أوسط جديد"، يقيمون فيه "إسرائيل الكبرى"، بعد أن أقاموا "إسرائيل العظمى" التي خضعت لها كل انظمة التطبيع العربية. كما تجد الولايات المتحدة في هذا الواقع، الذي ساهمت في تكوينه، فرصة تاريخية لتوسيع نفوذها في غرب آسيا وتثبيته وترسيخه. لكنهم يصطدمون بروح المقاومة والتضحية والاستشهاد التي تواجههم، من قبل المقاومة في لبنان وفي فلسطين؛ ومن قبل كل قوى محور المقاومة في المنطقة. فالمحور الأميركي – الصهيوني، تعرض لضربة قاسية في عملية "طوفان الأقصى"، التي عطلت كثيراً من مشاريعه، وفي مقدمها التطبيع مع السعودية، الذي كان يراد له أن يقفل ملف الصراع العربي – "الإسرائيلي" ويشطب قضية فلسطين. وعندما ردوا بالقتل والتدمير على المقاومين الفلسطينيين، ظنوا أن ذلك هو الحل الناجح، لكن تدخل المقاومة في لبنان وفي محور المقاومة، جعل الجيش الذي لا يقهر عاجزاً عن قهر حفنة من المقاومين الفلسطينيين. كما كشفت المقاومة في لبنان هشاشة هذا الكيان وجيشه، الذي ما كان له أن يهدد ويعتدي لولا الحماية الأميركية. وهو فاشل أمام المقاومين، باستثناء استخدامه للسلاح الأميركي الجوي لقتل المدنيين العزل؛ ولقصف الأحياء السكنية في لبنان وغزة.
وما يتجاهله الجزعون من الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، هو حجم الخسائر التي مني بها جيش العدو، على أيدي المقاومة في لبنان وفي غزة وفلسطين. والأهم، أن حثالة الكون التي تجمعت لتستوطن فلسطين، فقدت ثقتها بالكيان الذي ظنت أنه يحميها من أهل الأرض. وان مئات الألاف من المستوطنين الصهاينة غادروا فلسطين هرباً من عمليات المقاومين. فيما مئات الألاف غيرهم هربوا من مستوطناتهم القريبة من حدود لبنان ومن قطاع غزة. وأن الاقتصاد "الإسرائيلي" في طريقه للانهيار، على الرغم من عشرات مليارات الدولارات الأميركية والنفطية التي تغذيه، فهل يتعظ أتباع "إسرائيل" بأن النموذج الذي شهده مطار بيروت مؤخراً، من إخضاعه للمشيئة الأميركية، لن يعمم على كل لبنان. وأن أحلام عودة الاحتلال "الإسرائيلي" للبنان لن تتحقق، ففيه مقاومون صامدون شجعان، قادرون على منع جيش العدو من تدنيس أرضنا، فهذا الجيش الذي اطاح بجيوش انظمة متواطئة أو فاشلة، هو مهزوم لا محالة أمام مقاومين لا يجرؤ على الالتحام بهم ولا التقدم نحوهم.
عدو مهزوم ومقاومة صامدة ـــ عدنان الساحلي
السبت 12 تشرين الأول , 2024 03:09 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة