أقلام الثبات
يعيش البعض في لبنان والخارج نشوة الانتصار على المقاومة، ويتصرفون على اساس ان المقاومة واهلها قد انهزموا ويهرولون، ليتقاسموا إرثها، فيستبيحوا حماها ويتعاملوا مع أهلها كأيتام؛ لا ولي ولا ناصر لهم، فيبالغون بفرض مطالبهم وشروطهم، حتى كادوا يتصرفون مع اهل المقاومة كأنهم عبيد ولاجئون ينتظرون الاعانات او الشفقة!
يتصرف الاميركي على انه ربح المعركة وحسمها لصالحه، وبدأ بفرض قراراته، فيسمي رئيس الجمهورية، ويطلب من النواب اعطاء الشرعية في عملية انتخاب محسومة النتائج، ويفرض سيطرته ورقابته على الموانئ والمطار، ليبقيه دون اقفال وبقية المؤسسات ليعطي رأيه ورضاه عليها أنها خالية من اي وجود للمقاومة.
بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 واسقاط نظام صدام حسين تم تعيين "بريمر" حاكماً عسكرياً، وبدأ الاميركيون يتصرفون في لبنان وفق صلاحيات "بريمر" كحاكم عسكري غير مرئي وغير محدّد، فربما يكون برتبة "ملحق عسكري" في السفارة او موفداً من الخارجية او ربما وكيلاً عربياً او لبنانياً عندهم!
يعيش بعض اللبنانيين من خصوم المقاومة الذين تحالفوا مع "اسرائيل" سابقاً ولا زالوا على موقفهم أحلام تكرار ما فعلوه بعد اجتياح عام 1982 امنياً وسياسياً، ويمكن ان يقوموا به الآن، وان الرئاسة صارت في قبضتهم وان الحكم في أيديهم، وبدأوا بتحضير اعلام الزينة والاحتفالات..
ابتعد بعض المسترزقين والوصوليين عن المقاومة، حفظاً لأنفسهم واموالهم ومصالحهم، فبعضهم في دائرة الصمت والانتظار، وبعضهم بدأ بنقل بندقيته ولسانه الى حيث يفترض انه المنتصر.
لكل هؤلاء نقول من اللبنانيين، بدافع نصيحة حتى لا يغامروا وللخارج من اميركا وحلفائها من موقع التحذير والبلاغ: تمهلوا قليلاً ولا تستعجلوا، ولا تعيشوا احلام السيطرة، فالحرب لا زالت في بدايتها، وخسرنا أكثر ما كنا نحرص عليه، وما سياتي من الأيام سيكون أقل خسارة، مما مضى وهجومنا المضاد قد بدأ، وستكون خسارتكم أكثر وهزيمتكم أكبر.
سيكون للميدان الكلمة الفصل ونحن أهله وأبطاله وبديلاً للمفاوضات التي اقفلتم ابوابها وهواتفها، وستكون اتصالات واراء ومواقف المقاومة بقبضات المجاهدين وصواريخهم ودمائهم.
لن يستطيع العدو "الاسرائيلي" مع كل الدعم العربي والغربي والاميركي ان يعيد احتلال الجنوب ويمكنه ان يخترق قرية هنا او هناك وربما يصل الى الليطاني، لكنه حكماً سيدفع الأثمان الكبيرة في جنوده الذين يغزون الجنوب، وقد بدأ بدفع الثمن من جنوده بأعداد القتلى والجرحى المتزايد، وكذلك في كل مدنه في حيفا ويافا وتل ابيب وصفد!
لقد احتلت اسرائيل الجنوب عام 1982 ووصلت في ستة أيام الى بيروت دون خسائر تُذكر وكانت سرعة وصولها وفق سرعة دباباتها ومدرعاتها، ولم تتوقف الا عندما قاوموها المؤمنون الشرفاء في خلدة، أما اليوم فلم يستطع العدو بعد سبعة ايام ان يتقدم مئات الامتار وان تقدّم، فلا يستطيع التموضع او الثبات فيتراجع تحت نار المقاومين الاستشهاديين، وإذا أراد الوصول لليطاني عليه القتال لأشهر قادمة، لكنها ستكون أشهر قتلٍ، لجنوده وقصف لمدنه وتعطيلا لمدارسه واقتصاده وزيادة في عدد النازحين والمقيمين في الملاجئ .
إن ميدان المقاومين وبسالتهم واستشهادهم وصمود النازحين الشرفاء المقاومين ،كفيل بهزيمة المشروع الاميركي الذي بدأ عام 2019 بالحصار الاقتصادي وإفقار الناس وسرقة ودائعهم ورواتبهم بأيدي مسؤولين لبنانيين بقصد او فساد.
نتمنى على بعض اللبنانيين ان لا يكونوا مساعداً او عميلاً، بالمعطى الأمني والسياسي والاعلامي، ولا ينهزموا امام الموفدين، ولا يسارعوا لتلبية شروطهم بالمفاوضات او يزايدوا عليهم بالحقد والعداء للمقاومة تحت ضغط التهويل او التخويف او العمالة والنذالة وعلى هؤلاء ان يكونوا وطنيين، فإن لم يريدوا نصرة المقاومة ودعمها، فلا يطعنوها في ظهرها ويضيعوا انجازاتها ويكونوا لسان العدو ويده الداخلية.
للذين ينتظرون تشييع جنازتنا وتهجيرنا في لبنان او خارج لبنان، نقول لهم لا تفرحوا ولا تستعجلوا، لا تخطأوا في الحسابات، لا زلنا احياء ولا زلنا الشجعان ولا زلنا الصابرين، لا يمكن ان يكون لبنان بدوننا ولا يمكن للاحتلال ان يعود.. لم ننهزم.. ولن ننهزم.. وسننتصر بإذن الله.