هل يُشعل الرد "الإسرائيلي" الحرب الإقليمية؟ ــ د. نسيب حطيط

الأحد 06 تشرين الأول , 2024 04:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
هدّدت "اسرائيل"، بشراكة أميركية، باقتراب الرد على الرد الايراني الصاروخي، والذي يمكن ان يكون خلال ساعات او ايام، وبشكل كبير وعنيف؛ كما قال رئيس الوزراء نتنياهو،   حيث تريد اميركا والغرب اصطياد الفرصة الذهبية لضرب المنشآت النووية الإيرانية والتخلّص من الملف النووي الايراني، وسلب قوى المقاومة أحد أوراق القوة.
كلما اعلنت امريكا رفضها لضرب المنشآت النووية، زاد الخوف عليها، ولحصر المسؤولية "بإسرائيل" وتبرئة اميركا، كما هو الحال في إبادة غزة، وكما هو الحال في "إبادة الشيعة والمقاومة" في لبنان.
يتصرّف التحالف الأمريكي - "الاسرائيلي" بناء على معلومات ووقائع بأن قوى المقاومة الحليفة لإيران تلقت ضربات قاسية وقاتلة، أضعفت قوة الردع والحصانة لإيران، وهي اما خرجت من دائرة التأثير العسكري الحقيقي كما هو في غزة، او انها في موقع الدفاع عن النفس ولا تستطيع الهجوم او التهديد "لإسرائيل"، كما هو الحال في لبنان، مما جعل ايران "مقطوعة الايدي" ومكشوفة اكثر امام التهديد الأميركي - "الاسرائيلي"، مضافا اليها الوضع الداخلي الايراني؛ السياسي والاجتماعي والحصار الاقتصادي، مما يفتح الباب امام اميركا ان تقوم بضربتها التي لم تستطع القيام بها منذ 40 عاماً، بعد فشلها بإسقاط الثورة سواء بالحرب العراقية على ايران او الانتفاضات الداخلية او الحصار.
تشن اميركا حربها العالمية ،لإعادة تثبيت زعامتها "فرعون العالم"، بعدما استطاعت اسقاط المنظومة الشيوعية وتفكيك الاتحاد السوفيتي، وتقوم الآن بهجومها المضاد وفق التالي:
- مشاغلة روسيا منذ أكثر من سنتين، بالحرب الأوكرانية - الروسية، واستنزاف قدراتها وتحييدها عن ساحة المعركة في الشرق الأوسط.
-  إبادة غزة وإنهاك قوى المقاومة المسلحة في الداخل الفلسطيني، بما يضمن تنفيذ المشروع "الاسرائيلي" بإلغاء حل الدولتين ومنع قيام الدولة الفلسطينية نهائياً.
- بدء حرب القضاء على المقاومة في لبنان والتي تمثل الركيزة الأساسية لمحور عن المقاومة والحضور السياسي والعسكري للثورة الإسلامية خارج إيران.
- المساكنة والاستيعاب للوضع العراقي وتأجيل توجيه الضربة "للحشد الشعبي" كما جرى مع حركه "حماس" والمقاومة في لبنان بعد التخلص منهما وبانتظار وفاة المرجع السيستاني.
إذا استطاعت اميركا وحلفها العالمي، القضاء على محور المقاومة وتفكيكه والذي شكّل العدو الاساس والعقبة الرئيسية بوجه مشروع السيطرة الأمريكية منذ أكثر من 30 عاما، ستتجه ،لإسقاط التهديد الوحيد المتمثّل بالصين.
 ان الحرب التي تدور الآن بشكل متسلسل، من فلسطين الى لبنان الى اليمن ثم  سوريا ثم العراق ثم ايران، تمثل حرب إعادة رسم خريطة المنطقة، لتنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي اعلنه الرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز،  والذي كانت المحاولة الأولى لتنفيذه  في حرب تموز 2006، وقد فشلت، ثم جاء الربيع الاميركي المعروف "بالربيع العربي" كمحاولة ثانية، فشلت حتى الان، لكنها نجحت بتدمير سوريا والعراق وليبيا وغيرها، ودخلنا الآن المرحلة الثالثة الدموية، والتي يشارك فيها الأصيل (اميركا واسرائيل) وحلفاؤهما، بعدما عجز البديل من الحركات التكفيرية من انجاز المشروع وبعدما عجزت اسرائيل وحيدة عن تنفيذه ،مما الزم اميركا لتكون شريكة ميدانية في تحقيق "الشرق الاوسط الكبير"  ورسم خريطة "العالم الجديد" الذي تحكمه اميركا، بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة ومرحلة تفكيك المنظومة الشيوعية بانتظار تأسيس "عالم اميركا".
لا بد من التعامل مع هذه الحرب انها حرب اميركا الكبرى والإستراتيجية ،ولا تتعلق، ببعض الجزئيات اللبنانية( انتخاب رئيس الجمهورية او تنفيذ القرار 1701 او نزع سلاح المقاومة..) وبالتالي لا دور للاعبين المحليين ولا للدول الصغيرة او الزعامات السياسية ، فالكلام للسلاح والميدان، لأنها حرب تأسيس العالم الاميركي الجديد والذي لن تتراجع اميركا عنه، مهما طال زمن الحرب ومهما كان عدد الضحايا والتدمير والتي ستستعمل اميركا واسرائيل كل الوسائل والأسلحة المحرّمة دولياً، طالما انها تحقق الهدف الاميركي في السيطرة على العالم.
الحرب قاسية ويمكن ان تطول وفق صمود المقاومة وعدم استسلامها، وعلينا التكيّف وتغيير طريقة معيشتنا والاكتفاء بالضروريات بحدها الأدنى ...لتأمين الصمود والانتصار بإذن الله، ونستطيع إذا نجونا من الطعن والخيانة والخداع والغدر..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل