أميركا لا تريد وقف إطلاق النار ــ د. نسيب حطيط

السبت 05 تشرين الأول , 2024 12:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تستمر الحرب الأميركية على المقاومة، لفرض شروط الاستسلام والقضاء عليها، وتفكيكها والثأر منها عقاباً لها لإفشالها المشروع الاميركي الأول؛ اجتياح عام 82 والقوات المتعددة الجنسيات، ومشروعها الثاني "الربيع العربي".
ما يقوله الامريكيون بعدم شراكتهم باغتيال "السيد - الشهيد" او الاجتياح البري نفاق وكذب وخداع يكمل ما قام به هوكشتاين؛ المبتسم بخبث في جولاته المكوكية.
اميركا لا تريد وقف النار في غزة، ولا تريد وقف النار في لبنان الا بعد القضاء على المقاومة واستعاده السلطة والسيطرة.
لقد بنت اميركا أكبر سفارة في الشرق الاوسط في لبنان، لتكون مركز القيادة الأمنية والسياسية للمنطقة وستؤمن لها منطقة حماية بالسيطرة على كل الجغرافيا اللبنانية، وبالنظام السياسي والأجهزة الأمنية، ليكون لبنان في خدمه السفارة وحمايتها.
تخوض "اسرائيل" حرب المشروع الامريكي عسكريا، بالتعاون مع الجماعات التكفيرية "المارينز التكفيري" ويخوض العرب المطبّعون الحرب بالحصار الاقتصادي والسياسي والديني وتخوض اوروبا الحرب، بكل الوسائل المتاحة وتخوض القوى السياسية اللبنانية التابعة للمشروع الاميركي الحرب بالفتنة والتقسيم.  
نحن نخوض حربا مع أميركا بخاصرة ضعيفة، تتمثل بأن أكثر الشخصيات السياسية والروحية والإعلامية والقوى السياسية في لبنان، يعملون تحت وطأة الابتزاز والتهديد الأمريكي، لمصالحهم وارصدتهم المالية وشركاتهم او تأييدهم السياسي للمشروع الاميركي.
ستقوم امريكا بخداعنا بالمفاوضات والعروض السياسية، لإفساح المجال امام العدو "الاسرائيلي"؛ بتكرار نموذج غزة في لبنان، حتى "يلهث" اللبنانيون لطلب وقف إطلاق النار ويوقعوا على شروط اميركا (بفصل الجبهتين ثم انتخاب رئيس الجمهورية قبل وقف إطلاق النار؛ بما يشبه انتخاب بشير جميل عام 1982، وتحديد رئيس الحكومة والوزراء وكسر احتكار الثنائية للتمثيل النيابي والوزاري)، اي تغيير بنية النظام السياسي اللبناني والامني..
يعود المشروع الأميركي - "الاسرائيلي" لتنفيذ ما قاله الرئيس بشارة الخوري مع مندوب هيئة الهجرة اليهودية الياهو بن ساسون: "يوجد بيننا وبينكم حاجز يجب ازالته، وهذا الحاجز هو جبل عامل. هناك ضرورة لتفريغ هذه المنطقة"، وأيّده بعض رجال الدين لإفراغ الجنوب من المسلمين الشيعة واستبدالهم بطوائف أخرى.
يصر المشروع "الاسرائيلي" على ان تكون حدود "اسرائيل" نهر الليطاني كحد الادنى ونهر الاولي كمرحلة ثانية.
لم تنجح المحاولة "الإسرائيلية" الاولى في اجتياح عام 82، واضطر الجيش "الاسرائيلي" للانسحاب عام الفين، والآن سيكرّر المحاولة، بعدما نجح بإبادة غزة.
نحن الان امام مشروع "إبادة للشيعة" والمقاومين في لبنان، مهما كانت طائفتهم او جنسيتهم، ويواجه الشيعة خصوصا مشروع "الاقتلاع للشيعة" من الجنوب، وتهجيرهم نحو البقاع او خارج الحدود، وعلينا مواجهة هذا المشروع ميدانياً بالقتال، وديمغرافيا بعدم اخلاء الجنوب، حتى لو حصلت بعض المجازر، حتى لا نكرر نكبة فلسطين ثانية، ولا أؤيد الهجرة البعيدة، ففيها خطر كبير.
ان النظر إلى الحرب التي يخوضها العدو "الإسرائيلي" الآن على انها حرب ظرفية لإرجاع المستوطنين الى الشمال نظرة سطحية وساذجة وخاطئة، بينما تخوض المقاومة حرب حماية الوجود على المستوى الاستراتيجي، وحرب إبقاء لبنان موحّداً ومستقلاً وعدم سقوطه بالقبضة الأميركية أو التقسيم والفيدرالية.
لا يبشر التاريخ الأميركي - "الاسرائيلي" بالخير على مستوى الحروب، سواء في فيتنام او افغانستان او العراق او مجازر فلسطين، ويستمر الآن في لبنان، حيث استطاع العدو وبفترة زمنية الحاق ضربات قاسية بقياده المقاومة، لكن لا يعني هزيمة المقاومة ولا يتعدى ارباكها وزعزعتها ظرفياً، لكن بنية المقاومة على مستوى الميدان ثابتة وبجهوية عالية، وتستطيع الصمود، ولا يخاف اهلنا ولا يشمت بنا الاعداء والخصوم حتى لو تفكّكت المقاومة، ودخل الجيش "الاسرائيلي" سينسحب ثانية، ولن نوقع على اتفاقية سلام، ولن نستسلم، ولن يأخذ "الاسرائيلي" الجنوب، ولن نهاجر، لكن لابد من تحصين اهلنا المهاجرين - النازحين، وابعاد الفاسدين والضعفاء، وتنبيه الدولة والمفاوضين بوجوب عدم التوقيع على اي اتفاق يعيد لبنان مستعمرة أميركية.. قد نكون الان في مرحله صعبة، لكننا لم ننهزم ولن ننهزم، وسننتصر رغم كل التضحيات واستشهاد القيادات، ولمحاسبة من أفلس الدولة وشن حرب الفقر والبطالة والهجرة على اللبنانيين، تسهيلاً لمهمة العدو في حربه العسكرية.
يمكن ان تطول الحرب المتوحشة لكن لن نستسلم، وللميدان الكلمة الفصل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل