أقلام الثبات
تتمايز الحرب على المقاومة في لبنان، عن الحرب على غزة، بالمعطى الاستراتيجي، لناحية الاسباب والشركاء الميدانيين في الحرب، وتهدف الى:
إسقاط مشروع الكفاح المسلح الفلسطيني، وتثبيت معادلة "السلطة" المنزوعة السلاح، والعاملة بالتنسيق الامني مع العدو، والاكتفاء بكونها "سلطة" ولن تكون دولة.
- تنفيذ المشاريع الاقتصادية "الإسرائيلية" والأميركية؛ لجهة الغاز في بحر غزة وقناة "بن غوريون" البديلة لقناة السويس.
يشترك في الحرب على غزة بالمعطى الميداني: العدو "الاسرائيلي" وأميركا، ويقوم اغلب العرب والمسلمين بتأمين الغطاء السياسي والديني، ونزع المشروعية عن المقاومة الفلسطينية، مع بعض الدعم الغذائي والمالي للتحالف الأميركي - "الاسرائيلي".
اما الحرب على المقاومة في لبنان فلا تتعلق بالتهديد الذي تمثّله المقاومة للعدو "الإسرائيلي" فقط، بل لأسباب واهداف اخرى يعمل لتحقيقها التحالف الأميركي وفق ما يلي:
- ان اسقاط المقاومة وهزيمتها في لبنان سيؤديان لاسترداد لبنان منها، وتحويله إلى مستعمرة أميركية، وكيان يشابه بدوره السياسي والامني الدور السياسي والامني للعدو "الإسرائيلي"، لكن بصيغ تجميلية وتضليلية ناعمة مختلفة، وليكون لبنان قاعدة عسكرية وامنية وسياسية لأميركا في منطقه الشرق الأوسط.
-ان القضاء على مقاومة في لبنان سيسهّل اسقاط النظام في سوريا، وبالتالي وضع اليد الأميركية على سوريا (التي لم توقع اتفاقية سلام مع العدو) ولموقعها الجيو_سياسي ودورها السياسي في دعم المقاومة ومصادر ثرواتها الكبرى، واستكمال بناء "السياج" الجغرافي والامني لحماية "إسرائيل" ولاستكمال التطبيع، لتغيير دور لبنان وسوريا والاردن ومصر من دول الطوق المحاربة الى جدار جغرافي وسياسي وأمني، وربما بشري، عبر المعارضات الداخلية المرتبطة بالخارج، وعبر الجماعات التكفيرية.
-هزيمة المقاومة في لبنان تعني حكما قطع الأيادي الإيرانية في الخارج، والتي لا يمكن التعويض عنها، واجبار الثورة الإسلامية للانسحاب الى داخل حدودها، واسقاط مبدأ تصدير الثورة، وانهاء محور المقاومة للتفرّغ لإسقاط النظام في إيران بيَد إيرانية داخلية غير واضحة الارتباط بالغرب، لكنها تعمل وفقا مبدأ "إيران اولاً".
-هزيمة المقاومة في لبنان ،سيفتح الطريق لاستكمال "الربيع العربي" لإسقاط الأنظمة المقاومة او المؤيدة لها، واعاده احياء "النظام الرسمي" العربي المرتبط بالإدارة الأميركية؛ كما كان الحال لإسقاط الأنظمة القومية الوطنية، في مقدمتها الرئيس جمال عبد الناصر.
اعتماداً على هذه الأهداف، فإن الحرب على المقاومة في لبنان هي حرب رباعية الأطراف (اميركا و"اسرائيل" وعرب التطبيع والغرب)، ولأن اهدافها مرحلية واستراتيجية فإنها ستكون قاسية ومتعددة الوسائل والطرق، وستكون طويلة وعمرها مرتبط بقدرة المقاومة في لبنان على الصمود والمواجهة والمقاومة او الاستسلام والتنازل.
ترك المقاومة في لبنان وحيدة تحت اي ذريعة وحجّة او تقديم المصالح لأي طرف من أطراف محور المقاومة "خطأ استراتيجي" و "خطيئة دينية واخلاقية"، فإن لم يبادر الجميع للانخراط في المعركة ومنع استفراد المقاومة في لبنان، فإن الفارق بين سقوط المقاومة في لبنان وسقوط المترددين والمتخاذلين او المخادعين لن يكون كبيراً.
ستحشد امريكا كل حلفائها وادواتها وستحاصر المقاومة وتقاتلها بكل الجبهات الداخلية والخارجية السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، لأنها تعتبر ان معركة لبنان هي "ام المعارك" والانتصار فيها سيعيد لأميركا ما خسرته وسيسهّل عليها تحقيق ما تأخر؛ من "صفقة القرن" الى التطبيع العربي الاسلامي مع اسرائيل الى الغاء حل الدولتين او الدولة الفلسطينية واسقاط منظومة حركات المقاومة واسقاط الثورة الإسلامية ومن ثم اعادة التربّع على عرش الشرق الاوسط ونفطه وغازه واعادة التحكم بالعالم من جديد بعد الضعف الروسي بالانتصار في اوكرانيا والعمل الاميركي لإطالة حرب الاستنزاف.
المقاومة في لبنان ثابتة على مبادئها وصدقها واخلاصها ودفعت مع أهلها حتى الآن أكثر من 12,000 شهيد وجريح ونصف مليون نازح وعشرات الاف البيوت والمحلات، وهي تنتظر ألا تبقى وحيدة، وعلى الآخرين ألا يتأخروا بعنوان التكتيك السياسي او الابتعاد عن اللهب الذي سيطالهم ان سقطت المقاومة في لبنان!
لقد تأخر التوّابون في نصرة الامام الحسين (عليه السلام) ثم استشهدوا جميعاً، لكنهم لو نصروا الحسين في اللحظة المناسبة لكان أفضل.. وأجمل.
هزيمة المقاومة تدمير لمحور المقاومة ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 27 أيلول , 2024 02:07 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة