الثبات ــ إسلاميات
الوحدة الإسلامية هي توحيد الكلمة تحت كلمة واحدة شكلاً ومضموناً؛ لتكون قادرة على المواجهة والتصدي للمخاطر التي تحيط بها داخلياً وخارجياً، وبالأخص تلك التي تعمل على محاربة الأمة، والتي ترعا نار التمزق لتبتلع حاضر الأمة، وتغيب مستقبلها وتضيع ماضيها العريق.
إنّ طبيعة العقيدة في ديننا الحنيف مبنية على وحدانية الله سبحانه وتعالى، استجابة لرسالة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً للذات الإلهية، وهذا ما يؤدي بالمسلمين أن يكونوا جسداً واحداً، يعمل على دفع السقم عن بعضه البعض كي لا يشتكي عضو لآخر، بل من باب قوة وحضور يعملون على جعل أنفسهم هم السادة.
المجتمع ضروري لبناء وحدة متكاملة، تبدأ من الفرد العاقل، ثم الأسرة النشيطة، وبعدها الحي الذي يجمع أفراده، ثم المدينة التي تجسد شكل الدولة التي تعمل علاقات بجوارها، وهذه العلاقات تكون مبنية على احترام العقيدة التي تحملها وتؤمن بها تلك الدولة، دون التدخل بشؤونها الداخلية، فالمسلمون كثر في الشرق الأعلى، إلا أن تشرذمه جعله الأوسط أو الأدنى في بعض الأحيان، وذلك لعدم استجابة الدول المسلمة لنداء الوحدة الذي صرح به الإمام الخامنئي رضوان الله عليه، ويرى الإمام الخميني قدس سره “أن سبب كل المشاكل في البلاد الإسلامية هو اختلاف الكلمة وعدم التعاون”.. وهو يرى في الاستعمار مصدراً أساسياً لزرع التفرقة والتشرذم بينهم، فيقول: “إن مشكلة المسلمين هي نشوء الاختلاف فيما بينهم بعد الحرب العالمية الأولى، فقد وضع المستعمرون خطة الاختلاف لهم بعد أن شاهدوا قوة الإسلام، ففصلوا الحكومات الإسلامية عن بعضها، وألقوا الخلاف بين المسلمين وجعلوا الحكومات الإسلامية كل واحدة عدوة للأخرى".
ويضيف الإمام "بأن الأيدي القذرة التي بثت الفرقة بين الشيعي والسني في العالم الإسلامي، لا هي من الشيعة ولا هي من السنة .. إنها أيدي الاستعمار التي تريد أن تستولي على البلاد الإسلامية، وتريد أن تنهب ثرواتنا بوسائل وحيل متعددة، وهي توجد الفرقة باسم التشيع والتسنن” ويضيف “لو كف وعاظ السلاطين عنا شرهم وكفوا أيديهم عن التعرض لوحدتنا فسننتصر إن شاء الله، وستنتصر القوى الإسلامية والبلدان الإسلامية".
ينطلق الإمام الخميني من قناعة راسخة، بأن أحد أهم آليات تكريس الوحدة وتجذيرها في الأمة هو الالتقاء بين أبناءها في العمل الجهادي ضد أعداء الأمة، لا سيما ضد الصهاينة مغتصبي فلسطين والقدس الشريف، ولعل في هذا الأمر تجربة عملية ناجحة في لبنان وفلسطين يشهدها جيلنا المعاصر.