الاحتفال بالمولد النبوي بدعة سيئة أم سنة حسنة؟

الأربعاء 11 أيلول , 2024 02:58 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات- إسلاميات

كثيرًا ما ينتشر في هذه الأيام بين الناس سؤال، وهو هل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعة سيئة، أم سُنة حسنة؟.

وقبل الإجابة لا بد لنا بدايةً أن نبيَّن معنى البدعة والسنة ، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وأيضًا بضدها تتميز الأشياء، فإذا عرفت معنى البدعة يتبين لك معنى السنة.

  • أولًا: البدعة لغة: هي الاختراع، والإحداث عامة، سواء كان في الخير أو الشر.
  • والبدعة شرعًا: هي إحداث أمرٍ في الدين لم يدل عليه الشرع، ولا يندرج تحت أصلٍ من أصول القرآن، ولا أصولِ سنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( وإيَّاكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)) فيتبين من هذا أن السنة غير البدعة،  فما هي السنة؟
  • ثانيًا: السنة لغة: هي الطريقة، والوجهة.
  •  والسنة شرعًا: ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقريرٍ أو صفةٍ خَلقية أو خُلقية.
  • فالسنة إذًا هي الطريقة والمنهج الذي سار عليه صلى الله عليه وآله وسلم في حياته من أحكامٍ، أو معاملات، وغير ذلك مما يتعلق به صلى الله عليه وآله وسلم من جميع جوانب حياته.

وقد أمرنا الله تعالى باتباع سنته ولزومها، والتأسي به صلى الله عليه وآله وسلم، فقال تعالى: {وما ءاتكم الرسولُ فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.

وقال تعالى: {وأنَّ هذا صِرَطى مُستقيمًا فاتبعوه، ولا تتَّبعوا السبُلَ فَتَفَرَّقَ بكم عن سبيله ذلكم وصَّكم به لعلكم تتقون}.

بعد هذا كله يبقى السؤال: الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل له أصل من القرآن أو السنة، أو هو اختراع ليس له أصل منهما.

 

دليل الاحتفال من القرآن.

إن المتأمل بالقرآن يجد قول الله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون} ورحمة الله هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فسرته الآية القرآنية، قال تعالى: { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، ومما لاخلاف فيه أن القرآن يفسِّرُ بعضه بعضًا، وكذلك السنة تفسر وتشرح وتبين القرآن، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتُبيِّن للناس ما نزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون}، ومما يؤكد تفسير ماسبق مارواه الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: قيل : يا رسول الله ادعُ على المشركين، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة ).

فيتبين أن الاحتفال برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعوة قرآنية، ويندرج تحت أصل قرآني بدليل: {فبذلك فليفرحوا}.

دليل الاحتفال من السنة النبوية الشريفة.

عندما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صيامه يوم الاثنين قال: ((ذاك يوم ولدت فيه)) فعلل النبي صلى الله عليه وآله وسلم اهتمامه بصيام يوم الاثنين أنه يوم مولده، فهذا يؤخذ منه جواز الاهتمام بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه يوم عظيم، ويوم شريف لا كسائر الأيام، لذا خصه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعبادة من العبادات، تنبيهًا لنا على شرف وفضل هذا اليوم، وأن نخصه بزيادة من الطاعات والقرابات، وإلا فما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ذاك يوم ولدت فيه)).

ولم يحدد لنا القرآن الكريم طريقة للتعبير عن الفرح والاهتمام به صلى الله عليه وآله وسلم رحمة بنا وليقوم كل إنسان ويعبرعن فرحه به صلى الله عليه وآله وسلم حسب استطاعته، بشرط أن يكون ذلك التعبير مندرج تحت قربة من القربات أو طاعة من الطاعات، وهذا ما نلحظه من قول الله تعالى: {فليفرحوا} على الإطلاق، وتقييده بالطاعة جاء من الحديث الشريف.

أمرٌ آخر أن اجتماع الناس للاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو اجتماع على مجموعة رحمات وبركات وخير وفلاح، وذلك لما يحصل فيه من قراءة قرآن وذكر لله، وذكر لعناية الله وحفظه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، منذ ولادته حتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى، كما أنه يشتمل على ذكر محاسن وكمالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخلقية والخُلقية، ودعوات وابتهالات لله تعالى، فأين البدعة في ذلك، وخاصة أن كل واحدة من هذه المشتمَلات هي مشروعة مطلوبة وقربة محبوبة، وهي موافقة لتعريف السنة النبوية، إذًا فالاحتفال بالمولد النبوي سنة حسنة، مالم يجري فيه مخالفات شرعية، فإذا وقع فيه مخالفة شرعية فالتحريم للمخالفة، لا لأصل المولد، كما أن الكلام فيه ماهو مشروع كذكر الله، وماهو مخالف كالغيبة


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل