الثبات ــ إسلاميات
سؤال قد يحير العقول للوهلة الأولى من طرحه، إلا أنه سؤال عادي، الشيء الموجود بيننا ولم يخلقه الله ــ سبحانه وتعالى ــ، وهو القرآن الكريم، فهو كلام الله ــ جل وعلا ـ، وليس مخلوقاً كما تدعي بعض المذاهب السابقة، وأكثر من عانى من هذا الإمام أحمد بن حنبل، واجه موجة الاعتزال لوحده، بعد أن رفض القول بمسألة خلق القرآن الكريم. إن القول بأن القرآن مخلوقٌ معناهُ أنَّه كسائر المخلوقات، التي خلقها الله -تعالى-، وأوجدها من العدم ومن ثمّ تهلك وتفنى وكأنها لم تكن، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، وهذا القول فيه من المفاسد العظيمة الشيء الكثير، وفيه انتقاصٌ من مكانةِ القرآن العظيم في نفوس المسلمين.
وهذا المصطلح خَلْق القُرآن يشيرُ إلى أفكارٍ مسمومةٍ وقاصرة، والتي ظهرت نتيجةَ اجتهاداتٍ غيرِ مبنيّة على دليل، وإن القول بهذا يتيح لمن يتبنى هذا الرأي أن يصولَ ويجولَ بكلام اللهِ -عز وجل- كيفما شاء، حسب ما يقتضيه العقلُ البشري القاصر، ضاربًا بعرض الحائط الأدلة الشرعية، والطريق القويم الذي سنّه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في التعامل مع آيات القرآن الكريم. وإن القول ببدعة خلق القرآن الكريم ظهرت في المئة الثانية، ولعل أول من أعلن بها ودعا إليها هو بشر بن غياث المريسي المعتزلي، والذي كان في عهد الخليفة العباسي المأمون، والذي كانت بطانتهُ من المعتزلة، فأثّروا فيه واستقرَّ على رأيهم، بل وعاقبَ من يقول بغير ذلك، فهو أول من قال بهذهِ البدعة وشجّع الناس لكي يقولوا بها.