الثبات ـ عربي
بعد فشلها الميداني في البر والبحر، وعجزها عن ثني صنعاء في دعمها لغزة، لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى شنِّ حرباً اقتصادية على اليمن من خلال الضغط على البنوك في صنعاء. إذ أصدر البنك المركزي في عدن التابع لتحالف العدوان على اليمن، قراراً أمس، بإيقاف التعامل مع 6 بنوك تجارية في صنعاء بعد رفضها نقل مقرها إلى عدن، كما أصدر قراراً بسحب العملة القديمة من الأوراق النقدية المطبوعة قبل عام 2016، وهي التي يتم التعامل بها في المناطق اليمنية التابعة لحكومة صنعاء.
قائد حركة أنصار الله اليمنية، السيد عبد الملك الحوثي، وفي كلمة له أمس، شدد على أنّ الضغط على البنوك يأتي ضمن الخطوات الأميركية دعماً للكيان الإسرائيلي.
وتزامن العدوان الاقتصادي على اليمن، مع العدوان الأميركي - البريطاني الذي استهدف، منتصف ليل الخميس-الجمعة، مناطق في محيط المطار الدولي في صنعاء وميناء الصليف ومديرية الحوك جنوبي مدينة الحديدة.
قرارات وأساليب كثيرة اعتمدتها واتبعتها الولايات المتحدة الأميركية في اليمن ولكنها دائماً كانت تجد نفسها أمام طريق مسدود. فبعد حرب دامت لأكثر من 9 سنوات، لم تستطع واشنطن كسر العزيمة اليمنية، بل إنها في كل مرحلة كانت تجد نفسها أمام واقع مغاير لأهدافها وأطماعها في اليمن.
الهدف الأبرز للولايات المتحدة، وفقاً لتقارير أميركية، هو إضعاف حكومة صنعاء عسكرياً. لكن الواقع اليوم ومن خلال العروض العسكرية التي تقوم بها صنعاء والعمليات التي تنفذها، يتكشف حجم ما تتمتع به القوات المسلحة اليمنية من قدرات عسكرية هائلة، بحيث باتت تمتلك ترسانات قادرة على مواجهة دول داعمة للكيان الإسرائيلي كما يحصل اليوم في البحر الأحمر، البحر العربي، والبحر المتوسط.
إذاً لم يكن قرار البنك المركزي في عدن، قراراً عبثياً.. بل يحمل في طياته أهدافاً غربية وأطماعاً تسعى دول العدوان إلى تحقيقها بعد فشلها الذريع في الحرب على اليمن. لعل أبرزها الضغط على صنعاء من أجل وقف عمليات الإسناد لغزة وشعبها.
والإصرار على المواجهة رغم هذه القرارات الأميركية بدا واضحاً من خلال تصريح السيد الحوثي يوم أمس. حيث قال إنه "ليس هناك أي عوامل يمكن أن تؤثر في موقفنا"، و"لن يتراجع مستوى الزخم أو التفاعل".
تداعيات وتأثير القرار على اليمن
ولهذا القرار تداعيات وتأثيرات على المستوى الداخلي اليمني، فهو يعتبر بمثابة آلة ضغط اقتصادية على اليمن الذي عانى من حرب شعواء طيلة سنوات مضت. فهو بمثابة عدوان اقتصادي يستهدف المجتمع اليمني.
وبحسب وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة، أحمد محمد أحمد حجر، خلال حديثه إلى الميادين نت، فإنه "بعد فشل سياسات الحرب الاقتصاديه لدول العدوان ورفض البنوك وشركات الصرافه نقل مركزها إلى عدن بسبب عدم توفر بيئة مناسبه لعملها وفي مقدمتها عدم توفر الأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي، وكذلك، عدم توفر بنية تحتية وتجهيزات وكوادر فنية، لجأت دول العدوان إلى اتخاذ هذه القرارات".
وبحسب الأعراف الدولية فإن الدول التي تقع تحت البند السابع تكون سلطة اللجنة المكلفة من مجلس الأمن لرعاية أمور الدولة هي المسؤولة عن صنع السياسات وغيرها، وفقاً لحجر. وبالتالي فإنّ اللجنة الرباعية المكونة من أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات هي المسؤولة عن إعداد السياسات و الإجراءات.
لذلك وفقاً له، هذه الدول تعمل في نفس الاتجاه، أي الاستمرار بالحرب الاقتصادية على اليمن، وذلك بعد أن أعلن محافظ بنك عدن أن البنك على وشك الإفلاس، وبالتالي هم يبحثون عن أي موارد جديدة.
ويهدف هذا الإجراء إلى سحب السيولة لدى البنوك في عدن، بحسب حجر، إلى جانب السيطرة على مجموعة إيرادات البلد من النقد الأجنبي. وبالتالي تشديد الخناق على اليمن و الشعب لأن ذلك سيؤدي إلى التحكم بالنقد الأجنبي وبالتالي التأثير على الواردات.
وبحسب ما يريدون، وفقاً له، يمكن أن يقوم البنك في عدن بالسيطرة على التمويلات التي تقوم بها البنوك التجارية و بحسب رغبتهم، وهذا في إطار تشديد الحصار على اليمن وبالتالي سعر الدولار كما هو في المناطق التابعة لتحالف العدوان إلى جانب ندرة النقد المحلي في السوق المحلي.
وبالتالي يكون هناك انكماش اقتصادي مع ندرة في النقد الأجنبي وارتفاع معدلات التضخم في ظل عدم وجود تخوم، وفقاً لما قاله حجر. وأضاف أنّ هذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة في الجمهورية اليمنية.
وأضاف أنّه في ظل وجود رؤية حكومية عملية وعلمية لدى حكومة صنعاء، فإنّ ذلك سيحد من الآثار المترتبة عن هذا الإجراء .
وتابع أنّ "بنك عدن يدار عبر السلطات السعودية بما يملي عليها من السفارة الأميركية".
وبحسب حجر، ما قامت به دول العدوان في أيلول/سبتمبر عام 2017، بنقل مهام واختصاصات البنك ونظام المعاملات الدولية من مركز البنك المركزي بصنعاء إلى عدن، ليس إلا بهدف استخدام كافة السياسات المالية والنقدية في الحرب الاقتصادية.
ومن شأن هذا القرار أيضاً أن يؤثر على مفاوضات السلام مع السعودية، وهذا ما أكده مسؤولون يمنيون. حيث ذكر السيد الحوثي أنه إذا تورط السعودي خدمة لـ "إسرائيل" فسيقع في مشكلة كبيرة.
وحذر رئيس وفد صنعاء المفاوض، قائلاً إنّ الأميركي يحاول أن يورط السعودي في الضغط على البنوك في صنعاء، وهي خطوة عدوانية ولعبة خطيرة.
رد يمني
الموقف اليمني من هذه القرارات عبـّر عنه المسؤولون في حكومة صنعاء، وتوعدوا برد "مؤلم"، كما قال عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي الذي أكد أنّ لديهم أوراق ستؤلم العدو أكثر وممكن تحريكها.
وبحسب ما قاله الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية، العميد عبد الغني الزبيدي في حديثه إلى الميادين نت، فإنّ اليمن لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه القرارات بل إنّ هناك خيارات.
وأضاف أنّ الرد واضح وسيكون هناك خيارات اقتصادية وعسكرية ربما قد تؤدي إلى ضرب المناطق الاقتصادية سواء في السعودية أو المصالح الأميركية وهذا ما يبدو واضحاً، وفقاً له،على الأقل بالنسبة لتصريحات القيادات السياسية والعسكرية التي تقول إنّ أي استهداف لليمن سواء من الناحية الاقتصادية فإن اليمن سيرد ومن خلال الخيار العسكري لأنه هو الذي تمتلكه صنعاء وهو أقوى فعالية.
وأضاف أنّ الخيارات العسكرية قد تشمل السعودية باعتبارها طرفاً في هذه الجانب، لأنها أيدت وأكدت هذا ودعمت الخطوة التي استخدمها البنك المركزي فرع عدن.
ووفقاً له، فإن "الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع استخدام خياراتها بشكل مباشر لذلك تلجأ إلى هذه الأساليب، ولكن يبدو أننا أمام ردود صعبة ستقوم بها صنعاء و هذا الموضوع لن يتأخر، ولدي قناعات بأن الأعمال العسكرية ربما تكون هي إحدى الخيارات الفاعلة"