مقالات مختارة
انتصارا للشعب الفلسطيني الذي يتعرض منذ أكثر من سبعة أشهر لحرب إبادة وحصار ظالم، جاء إعلان القيادة اليمنية في صنعاء، عن المرحلة الرابعة من التصعيد ضد العدو الصهيوني لتوسيع نطاق العمليات الهجومية على السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالعدو، وأي مصالح أو أهداف تابعة له.
تأتي هذه المرحلة في إطار الموقف المتقدم الذي تبناه اليمن قيادة وشعبا وجيشا منذ بداية معركة “طوفان الأقصى” لمساندة الشعب الفلسطيني الشقيق ومقاومته الباسلة، وهي المواقف العظيمة التي أغضبت الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية الذين لم يتوقعوا يوما أن يكون هناك أي تحرك ضد مصالحهم وأطماعهم في المنطقة، بعد أن فرضوا هيمنتهم ووصايتهم على دولها، ووضعوا على رأسها حكاما وأنظمة تعمل لصالحهم.
تهدف المرحلة الرابعة التي تأتي ضمن مسار تصعيدي أعلن عنه القائد الملهم السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي في بداية المعركة مع العدو الصهيوني إلى قطع خطوط الإمداد عن هذا الكيان المجرم، حتى يوقف عدوانه وحصاره على أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة.
وتتضمن هذه الجولة توسيع نطاق العمليات لتشمل كل ما تصل إليه القدرات العسكرية اليمنية من سفن وأهداف تابعة للعدو في البحر الأبيض المتوسط، والتي تأتي بعد أن وسعت القوات المسلحة اليمنية عملياتها إلى المحيط الهندي ضمن الجولة الثالثة من التصعيد اليمني المستمر لمساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي على غزة.
وجاء هذا التصعيد بالتزامن من تهديدات العدو الصهيوني باجتياح مدينة رفح وإقدامه لاحقا على اقتحام منفذ رفح والسيطرة عليه لتشديد الحصار على الفلسطينيين باعتباره المنفذ الوحيد لدخول الغذاء والمساعدات إلى قطاع غزة.
ومع العدوان الصهيوني على رفح أعلن السيد القائد أن مرحلة التصعيد الرابعة ستشمل أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع للعدو وإلى أي جهة ستتجه، كما سيتم استهداف أي سفينة نقلت بضائع إلى موانئ العدو من بعد صدور قرار الحظر، في أي مكان تطاله القوات المسلحة اليمنية.
وبحسب ما أكده قائد الثورة في خطابه المتلفز يوم الخميس الماضي فإن أي قرار تتخذه صنعاء بشأن بدء مرحلة معينة من التصعيد يعني أن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك الإمكانيات التي تمكنها من تنفيذ ذلك القرار.
وفي الخطاب نفسه كشف السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن تحضيرات لتنفيذ مرحلتين خامسة وسادسة من التصعيد ضد كيان العدو الصهيوني الأمريكي البريطاني، وأن لدى القوات المسلحة اليمنية خيارات استراتيجية ومهمة جداً وحساسة ومؤثرة على الأعداء، والتي سيتم الوصول إليها بإذن الله.
وجدد التأكيد على الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية وتوفير الإمكانات إلى أن يتم تحقيق أهداف كبيرة، وذلك في إطار المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية تجاه مظلومية ومعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا توجد أي خطوط حمراء يمكن أن تعيق الشعب اليمني وقواته المسلحة عن تنفيذ عملياته.
وإزاء التصعيد اليماني المستمر عجزت أمريكا وإسرائيل وبريطانيا بكل ما تمتلكه من أسلحة وتقنيات عسكرية متطورة عن إيقاف التحرك العسكري القادم من اليمن والمسنود بغطاء وتأييد شعبي واسع وإجماع غير مسبوق من كل الأطياف والمكونات في اليمن، الأمر الذي جعلها في وضع صعب وموقف محرج بعد أن عجزت عن منع القوات المسلحة اليمنية من مساندة الشعب الفلسطيني رغم ما قامت به من تهديد وتحركات، وما قدمته من ترغيب ووعود قوبلت جميعها بالرفض من القيادة الثورية والسياسية.
ووصف محللون إعلان القوات المسلحة اليمنية للمرحلة الرابعة من التصعيد في مواجهة الكيان الصهيوني، بأنها إجراء استراتيجي يعزز موقف المقاومة الفلسطينية على كافة المستويات العسكرية والتفاوضية وتمثل جزءا من استراتيجية أوسع سيكون لها تأثير كبير على ما يجري من تحركات في المنطقة.
وبدخولها الفعلي في المرحلة الرابعة فإن النطاق البحري لعمليات القوات اليمنية بات يشمل البحر الأحمر، وبحر العرب، وخليج عدن، والمحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، إلى جانب الأهداف في جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة وبالأخص المطلة على البحر الأحمر.
ويتجلى من خلال المقارنة بين العمليات التي نفذتها القوات المسلحة في بداية المعركة وحتى تدشين المرحلة الرابعة المستوى المتطور الذي وصلت إليه هذه القوات بشكل تصاعدي سواء في القوة الصاروخية أو الطيران المسير أو القوات البحرية، وقدرتها على تجاوز أنظمة الدفاع الأمريكية، واكتساب العديد من الأساليب لمواجهتها أو افشالها.
وبإطلاق المرحلة الرابعة من العمليات في البحر الأبيض المتوسط، يكون اليمن قد شدد الحصار البحري على إسرائيل، التي تتدفق غالبية وارداتها عبر الممرات البحرية، وهذا بدوره يمثل وسيلة ضغط مهمة ضد الكيان الصهيوني وحلفائه، الذين فشلوا في منع الحظر الذي تفرضه القوات اليمنية على السفن التي تدخل موانئ كيان الاحتلال.
ومع كل تحرك تقوم به القيادة ومن خلفها القوات المسلحة والشعب اليمني في إسناد شعب فلسطين، يزداد هذا البلد مهابة وشموخا في نظر كل شعوب وأحرار العالم وفي مقدمتهم المقاومة الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني المظلوم الذين خذلهم أبناء جلدتهم من شعوب الأمة العربية والإسلامية وباتوا يرون طلائع النصر القادم من اليمن.
إذ يعتبر أبناء الشعب الفلسطيني الموقف اليمني الصادق والعملي في مساندة قضيتهم امتدادا وترجمة عملية للمواقف التاريخية للشعب اليمني الأصيل في نصرة فلسطين، والدفاع عنها، وإسناد مقاومتها ضد الاحتلال الغاشم.
كما يُعبرون عن الاعتزاز والفخر بالمواقف الشجاعة والأخوية التي تصنعها وتجسدها القيادة الثورية والسياسية والقوات المسلحة، والشعب اليمني بانحيازهم الواضح والمستمر وبكل ما يمتلكون من إمكانيات إلى جانب شعب فلسطين وحقه في الحرية وتقرير المصير.
وانطلاقا من هذا الموقف الشجاع تناشد قيادات المقاومة الفلسطينية كل شعوب الأمة العربية والإسلامية بأن تحذو حذو اليمن، وأن توحد جهودها في مواجهة العدو الأوحد للأمة، لإطباق الحصار عليه، إلا أنها لا تجد آذانا صاغية، وكأن هذه الشعوب والأنظمة قد أصبحت مشلولة، ولم يعد لها أي قدرة على فعل شيء يتعارض مع المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
وكان قائد الثورة كشف في مطلع شهر مايو الجاري عن الجولة الرابعة من التصعيد اليمني، في مساندة الشعب والقضية الفلسطينية، وأن اليمن مقدم على فعل ما هو أكبر وأعظم فاعلية في الجانب العسكري خلال الجولات القادمة، في إطار موقف كامل عسكريا وشعبيا وماليا، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن جراء استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي منذ تسع سنوات.
السيد القائد ألمح يومها إلى الشوط الكبير الذي قطعه اليمن في تطوير قدراته العسكرية، والتي تتعاظم من مرحلة إلى أخرى ضمن مسار تصعيدي في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، الذين يواصلون عدوانهم على الشعبين اليمني والفلسطيني.
واعتبر الصراع مع العدو الصهيوني حتمي، لأنه في حالة احتلال واغتصاب وعدوان وإجرام وظلم، ولن ينتهي الصراع مع العدو إلا بزواله من كل الأراضي الفلسطينية، مؤكدا في ذات الوقت أن الشعب اليمني سيستمر في موقفه، ولن يتوقف أبداً، طالما والعدوان والطغيان الصهيوني مستمر.
يحيى جار الله ـ الصمود
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً