الثبات ـ عربي
عادت الرسائل المكتوبة باليد لتصبح وسيلة التواصل الوحيدة في دارفور بعد توقف خدمة الهاتف والإنترنت بسبب القصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".
الرسائل المكتوبة لا يحملها ساعي بريد، كما كان يحصل في الماضي، إنما ينقلها سائقو حافلات النقل المشترك، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".
وقد تصل هذه الرسائل أحياناً إلى الشخص المعني بعد أسبوع. وحتى لو تسلمها، لا يوجد ما يضمن أنه سيتمكن من الرد برسالة خطية، ذلك أنّ الطرق مليئة بالعثرات، وخصوصاً في مدينة نيالا التي تشهد معارك بين الجيش و"الدعم السريع".
وخلال 10 أيام في آب/أغسطس الماضي، فرّ أكثر من 50 ألف شخص من مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكان بعد الخرطوم، وفق الأمم المتحدة.
كذلك، قتل عشرات المدنيين، ولم تعد شبكات الكهرباء والمياه تعمل، ما يعد كارثة في مدينة كان ربع سكانها يعتمدون أصلاً قبل الحرب على المساعدات الإنسانية، بحسب المنظمة الدولية.
وتصاعد النزاع الأحد الماضي في نيالا. وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل الماضي، انضم سلاح الجو إلى المعارك. وقصفت الطائرات الحربية أحياء سكنية عدة تسيطر عليها قوات "الدعم السريع"، وفق وكالة "فرانس برس".
وكتب الناشط الحقوقي أحمد قوجا، الذي خرج من نيالا، في منصة "إكس" أنه يحاول تسليط الضوء على المجازر التي ترتكب في نيالا، لكن "الأخبار تصل بالقطارة، وتكون متأخرة كثيراً". وكان قد نشر في المنصة قبل أسبوع خبر مقتل "5 أسر بكامل أفرادها بسبب المعارك".
وكتب كذلك: "بقيت 16 يوماً بلا أخبار عن أسرتي الموجودة في نيالا"، مضيفاً: "إننا نموت كل لحظة نمضيها بلا أنباء عن أسرنا، ولا نحلم إلا بشيء واحد، هو أن نعرف كيف حال أهلنا وأصدقائنا".
ومع انقطاع الاتصالات، عاد الناس لكتابة الرسائل الخطية للاستفسار عن أحوال ذويهم في نيالا، والتي يرسلونها مع السائقين المتوجهين إلى هذه المدينة. وبمجرد أن تصل الرسالة إلى صاحبها، يكتب ردّاً على الفور ويسلمه للسائق.
ويتعين على السائق بعد ذلك أن ينجح في الخروج من نيالا، وهي رحلة صعبة تحت القصف، خصوصاً في موسم الأمطار الذي غالباً ما يؤدي إلى تعطل حركة السير على طرقات عدة.
وأمس الثلاثاء، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بتضاعف عدد النازحين داخلياً منذ بداية الصراع في السودان، موضحةً أنّ العدد بلغ حالياً نحو 7.1 مليون نازح، بينهم 3.8 مليون مشردون حديثاً نتيجة العنف الذي اندلع بين قوات "الدعم السريع" والجيش السوداني منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي.
بدورها، قالت المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيانٍ عبر موقعها الإلكتروني، إنّها وجّهت مع شركائها نداءً من أجل جمع مليار دولار في سبيل "توفير المساعدات الأساسية لأكثر من 1.8 مليون شخص، من المتوقع أن يصلوا إلى 5 دول مجاورة بحلول نهاية عام 2023، فارّين من الصراع الدائر في السودان".
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: الحرب والجوع يهددان بـ"القضاء" على السودان بأكمله
ومنذ أيام، يشنّ الجيش السوداني هجوماً ضارياً على طرق إمداد تستخدمها قوات "الدعم السريع". وقد نفّذ ضرباتٍ جوّية عدّة في مدينة أم درمان غداة إعلان مصادر عسكرية نشر أعداد كبيرة من القوّات البرية والأسلحة الثقيلة في مسعى لتعزيز السيطرة على المدينة.