الثبات ـ إسلاميات
وبينما اقلب في أرشيف خطب سماحة العلامة الدكتور الشيخ عبد الناصر جبري رضوان الله علية استوقفتني عباراته بمناسبة رأس السنة الهجرية اعادها الله على الأمة بخير، انتهلت منها الآتي:
ننطلق في بداية هذا العام الهجري بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))، المحبة هي جزء مهم في حياة المؤمن؛ لهذا يجب علينا أن نحث أبناءنا وجيراننا وزملاءنا في العمل على الحب والمودة والتآخي، وأول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد بناء مسجده أن آخى بين المهاجرين والأنصار.
مجتمعاتنا اليوم بكل أسف يسودها الغل والغش والحقد والحسد إلا من رحم ربي وهم قلة قليلة؛ لهذا نجد البلاء والوباء والغلاء وتسلط الأعداد منكبين علينا، وهذا كله نتيجة حب الدنيا والمسك بها، مزروعة في قلوبنا، وهذا خطأ جسيم يقع به أغلبية الناس في مجتمعاتنا.
عام هجري مضى وعام جديد في أول أيامه، إلا أن هناك أسئلة عدّة يجب على كل فرد منا أن يسأله لنفسه التي بين جنبيه: ماذا قدمت في السنة الماضية؟ بماذا تصدقت؟ عمن تكلمت ولماذا؟ ماذا صليت؟ هل ظلمت أحداً أم لم أظلم؟.
السنة الجديدة هي من أجل السمو الفكري والعقلي والجسدي والأخلاقي وعلى جميع المستويات؛ من أجل الحد من الانحطاط الفكري والعقلي والأخلاقي الذي يعيشه مجتمعنا في وقتنا الراهن؛ لهذا يجب على الإنسان أن يكون في تطور دائم كي لا يكون عالة على المجتمع.
اختار سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الهجرة النبوية لتأريخ ليعرف الإنسان أن الأمور الضعيفة لا تبقى كذلك إذا عمل الإنسان وأحسن لذاته، النبي صلى الله عليه وسلم هاجر في مرحلة ضعف المسلمين، إلا أن هذا الضعف ما لبث سنوات بسيطة لتتحول هذه المرحلة إلى حقبة تاريخية مليئة بالبطولات والتضحيات والفتوحات؛ لينتشر الإسلام إلى أصقاع العالم شرقاً وغرباً.
أمتنا اليوم تعيش مرحلة ضعف وتشرذم وانقسام واقتتال فيما بينها، بينما عدونا الذي احتل أرضنا وشرد شعبنا واعتدى على مقدساتنا وسرق ولا يزال يسرق خيراتنا يجلس مرتاح البال. حب الأوطان من الوفاء؛ لهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ))، يجب علينا إيقاف هجرة شبابنا إلى الخارج، وتحسين الأوضاع المعيشية في الداخل، وتأمين وظائف للمثقفين، فنحن لم نربيهم ونعلمهم ليذهبوا إلى البلدان الغربية.
محمود الأحمد القادر