باحث أمريكي: الصين تستعد لحرب اقتصادية مع الغرب

الإثنين 02 كانون الثاني , 2023 09:40 توقيت بيروت اقتصاد

الثبات ـ اقتصاد

يتمثل محور سقف الأسعار الذي وضعته دول مجموعة السبع بالنسبة للنفط الروسي، والذي تم الكشف عنه في مطلع الشهر الماضي، في الحظر المشروط على الحصول على خدمات شركات التأمين وإعادة التأمين الغربية ذات المستوى العالمي. ويقيد سقف الأسعار شراء أو بيع أي خام روسي محمول بحراً بسعر منخفض بشكل مصطنع قدره 60 دولاراً للبرميل.

ويقول الباحث الأمريكي كريستوفر فاسالو بمعهد سياسة مجتمع آسيا ومركز بيلفر بجامعة هارفارد، في تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأمريكية، إن حظر التأمين الذي يمنع الشركات داخل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع من توفير خدمات التأمين وإعادة التأمين داخل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع لموردي النفط الروسي الذي يباع فوق سقف السعر المحدد، يعتبر الآلية التي تفرض سقف الـ60 دولاراً.

يقيد سقف الأسعار شراء أو بيع أي خام روسي محمول بحراً بسعر منخفض بشكل مصطنع قدره 60 دولاراً للبرميل.

وحتى الآن أثبت حظر التأمين أنه وسيلة فعالة لفرض الانصياع لسقف الأسعار. وتتحكم الشركات في مجموعة السبع بـ 90% من التأمين وإعادة التأمين البحري. ولا تزال الشركات الصينية المالكة للسفن، والتي تستورد حصة كبيرة من الخام الروسي منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تعتمد على شركات التأمين الغربية لحماية سفنها.

وعلى الرغم من أن تحديد سقف سعر النفط سوف يساعد الصين على تأمين حصولها على النفط الروسي بأسعار مقبولة في المدى القصير، فإن من المرجح أن يؤدي أي احتمال لفرض حظر تأميني غربي، موجه ضد الصين وليس روسيا، في أي مواجهة مستقبلية بسبب تايوان، إلى التسبب بمتاعب لبكين. ويبدو أن بعض الخطوات التي اتخذتها بكين هذا العام، اسمياً في مواجهة الاضطراب الذي يحيط بحرب أوكرانيا، ولكن تهدف بفعالية للحد من تعرض بكين لإجراءات شركات التأمين الغربية، تعكس مثل هذا القلق.

وأشار فاسالو إلى أن فرض الحظر على تقديم خدمات التأمين له تاريخ طويل. ففي خلال حرب الخلافة الإسبانية في القرن الثامن عشر، كانت بريطانيا قوة بحرية مهيمنة وبها أكبر شركات تأمين بحري في العالم. ولكن وضع بريطانيا بهذا الشكل كان يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج ضارة: فقد وجدت شركات التأمين البريطانية أنها تغطي تكلفة الأضرار التي كانت تلحقها الفرقاطات والسفن المسلحة البريطانية بسفن العدو.

لا تزال الشركات الصينية المالكة للسفن، والتي تستورد حصة كبيرة من الخام الروسي منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تعتمد على شركات التأمين الغربية لحماية سفنها.

وبعد الحرب، بدأ صانعو السياسات البريطانيون يتساءلون عما إذا كان بمقدورهم منع الشركات في لندن من تأمين شحنات العدو التجارية، وبذلك يضمنون قوتهم البحرية وقطاع التأمين البريطاني القوي. ورغم أن المعارضين حذروا من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعرض للخطر وضع بريطانيا كأكبر قطاع تأمين في العالم، سرعان ما أصبح واضحاً أنه لا تستطيع أي شركة تأمين أجنبية أن تنافس المصداقية، والسمعة النزيهة، والأسعار المنخفضة التي تتمتع بها الشركات البريطانية.

وفي ضوء تأكيد ثقتهم، وضع صانعو السياسات البريطانيون قيوداً تأمينية استهدفت التجارة الفرنسية والأمريكية أثناء الحروب المستقبلية. وفي حرب 1812 على سبيل المثال، كان الحظر فعالاً للغاية لدرجة أن تكاليف التأمين زادت على 80% من قيمة الحمولة نفسها. وأدركت البحرية البريطانية أنه لعرقلة صناعة العدو، احتاجت بريطانيا فقط لمنع التمويل المطلوب لشحن السلع الإستراتيجية.

واستقر المسؤولون الأمريكيون على منطق مماثل في الوقت الحالي: وهو استخدام وضع الغرب المهيمن في قطاع التأمين العالمي كسلاح لتقييد خطوط إمداد العدو. وقد يكتشف هؤلاء المسؤولون في القريب العاجل استخدامات متعددة للحظر التأميني، ربما أكثر فائدة من مجرد فرض سقف للأسعار. فأي حظر تأميني يمكن أن يساعد عملياً في فرض حصار كامل على السلع الإستراتيجية في أوقات الأزمات.

لا تستطيع أي شركة تأمين أجنبية أن تنافس المصداقية، والسمعة النزيهة، والأسعار المنخفضة التي تتمتع بها الشركات البريطانية.

وينضم” سلاح التأمين” إلى مجموعة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي يتعين أن تستعد بكين لتفاديها في أي مواجهة بشأن تايوان. ولطالما أعربت بكين عن قلقها إزاء قدرة البحرية الأمريكية على فرض حصار على الواردات البحرية في مضيق ملقا (بما في ذلك 80% من النفط الذي تستورده الصين). ولا بد أن تفترض الصين الآن استعداد مجموعة السبع لتعزيز أي حصار مستقبلي بفرض قيود مالية مثل الحظر التأميني.

ومع ذلك، فإنه مثل كثير من العقوبات الأمريكية، بدأت الإجراءات الصينية المضادة في تخفيف قوة أي سلاح تأميني مستقبلي. واتخذت بكين هذا العام خطوتين لتأمين الشحنات البحرية من القمح والطاقة الروسية: حيث تسعى للبحث عن بديل وشركات تأمين غير تابعة لمجموعة السبع، وامتلاك أسطول ناقلات أكبر. ورغم أن هذه المناورات مفيدة في تجنب الوفاء بالمتطلبات المرتبطة بالعقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا، فإنها تخدم أيضاً في دعم دفاعات الصين بقوة ضد سلاح التأمين.

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل