أقلام الثبات
يعيش اللبنانيون ترقباً منذ حادثة إطلاق مسيّرات لحزب الله فوق البحر الابيض المتوسط، وقيام “إسرائيل” بإسقاط تلك الطائرات، ثم تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بأن لبنان مستعد لخوض حرب من أجل تحصيل حقوقه الطبيعية في مياهه وغازه، والأهم إزالة الفيتو الموضوع على لبنان والذي منع توتال من الاستمرار بالأعمال التي تقوم بها بالتنقيب، والذي منع غيرها من الشركات من التقدم بعروض للتنقيب عن الغاز في البلوكات اللبنانية الأخرى.
وفي هذا الإطار، وضع حزب الله موعداً نهائياً لحل القضية وهو "نهاية أيلول"، وحيث أكد مسؤوليه أن محاولات المماطلة الاميركية والاسرائيلية وتمييع القضية لن تنطلي على لبنان، وأن المعادلة هي: لن يستخرج الاسرائيلي الغاز من اي بقعة في شرق المتوسط، إذا لم يستطع لبنان أن يستخرج الغاز من مياهه.
وبسقوط خيارات المماطلة والتسويف والالتفاف على اللبنانيين، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟
السيناريو الأول: أن يوافق الاسرائيليون على مطالب لبنان – ترسيم وتسوية
- من وجهة النظر الاسرائيلية: من الصعب على “إسرائيل” أن تقبل بالرضوخ للمطالب اللبنانية بدون أي تعديل أو تنازل لبناني إضافي، لأن ذلك يخلّ بصورة التفوق الاسرائيلي، ويغري الأعداء الآخرين بتكرار سيناريو مماثل.
- من وجهة النظر اللبنانية: لقد تنازل لبنان الى الحد الأقصى بتخليه عن الخط رقم 29، وبالتالي لا يمكن للبنان أن يتنازل أكثر، ونحن غير معنيين بالحفاظ على صورة “إسرائيل” (كما يريدنا هوكشتاين أن نفعل).
يبقى هذا السيناريو، الأقل كلفة والأكثر ربحاً للجميع، لكن "اسرائيل" قد تجده مكلفاً لأنها اعتادت على "البلطجة" على الآخرين.
السيناريو الثاني: أن يندفع الاسرائيلي الى رفض أي حلّ - الحرب
يدرك الاسرائيلي أن رفض إعطاء لبنان حقوقه، سوف يؤدي الى حرب في المنطقة، لكنه يدرك أيضاً أن حزب الله اليوم مختلف عن حزب الله عام 2006، وأن الأذى والألم الذي يهدد به لبنان، سوف يكون مضاعفاً داخل “إسرائيل” نفسها. علماً أن ليس لدى اللبناني أي شيء يخسره في ظل الكوارث والأزمات التي يعيشها، وإذا كان لا بد من القتال، فقد يكون القتال مخرجاً من حرب اقتصادية وضغوط قصوى أدّت الى تجويع اللبنانيين وجعلتهم يعيشون الذل والطوابير والعتمة.
السيناريو الثالث: أن يندفع الاسرائيلي لجولة قتال محدودة يليها توقيع الاتفاقيات
ضمن هذا الخيار، قد يعتقد البعض في “إسرائيل” أن أياماً قتالية مع لبنان يندفع بعدها العالم الى ترتيب تسوية تنهي الخلاف البحري الاسرائيلي، هي الخيار الأمثل. قد يندفع الاسرائيلي الى هذا الخيار، وذلك لعدم ظهور السياسيين الاسرائيليين بمظهر المتنازل أمام اللبنانيين، ولخشيتهم من الاضرار بصورة الردع الاسرائيلية.
لكن، أمام هذا الخيار مخاطر كثيرة، منها عدم توقع ردّة الفعل اللبنانية، وما بجعبة حزب الله من مفاجآت، بالإضافة الى أن التجربة الأخيرة بأيام قتالية محدودة مع "حركة الجهاد الاسلامي" في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، لم تحقق لإسرائيل صورة القوة التي كانت تنشدها، ولم تقضِ على حركة "الجهاد الاسلامي" كما أراد الاسرائيليون، واستمر تساقط الصواريخ على الداخل الاسرائيلي حتى آخر دقيقة.
في المحصلة، كل الخيارات المتاحة أمام الاسرائيليين في التعامل مع هذه القضية هي خيارات مرّة، فلم يعتد الاسرائيليون إلا على الغطرسة والسيطرة بالقوة على حقوق الآخرين. أما بالنسبة للبنان، فإن الخيار الأفضل أكيد هو الخيار الأول أي التسوية وحفظ حقوق لبنان بغازه ونفطه وفك الحصار غير المعلن عنه، أما إذا اندفعت “إسرائيل” للحرب (شاملة أو محدودة)، فليس لدى اللبنانيين سوى أن يقاتلوا لفك الحبل عن رقبتهم. بالنسبة للبنان، تبقى الحرب (مع بشاعتها وكلفتها الباهظة والمؤلمة) أقل كلفة من الاستنزاف والموت البطيء الذي يعيشه لبنان منذ 3 سنوات ولغاية اليوم.