الثبات - إسلاميات
الفراعنة كثر في زماننا، ينظرون إلى أنفسهم نظرة القوة والجبروت، فلا أحد يستطيع الوصول إليهم، محصنين بمال وجاه ومرافقين، إلا أنهم نسوا أنّ الله سبحانه وتعالى قادر على قلب أوزانهم، وجعلها فوق ظهورهم، ليعلوا صوتهم في ليالي ينام فيها الفقير والجائع وهم لا يستطيعونه، لا نوم ولا راحة، ألم شديد لا يستطيع وصفه طبيب، ولا يزيله دواء، ولا تحمله أجساد، وهذا كله من أجل العودة إلى الله سبحانه وتعالى، وإعادة الحقوق إلى أهليها، فإن لم يعد يقبضه الله سبحانه وتعالى قبضة تكون آية للاحقين، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في تفسير قوله تعالى:
{فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلً} سورة المزمل- الآية١٦: وهو أحد فراعنة مصر كان على زمن سيدنا موسى، وكان يستحيي نساء بني إسرائيل ويقتل شبابها؛ ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} سورة القصص-الآية ٤، ومعنى فرعون أي هو القائم على خدمة المعبد في ذلك الزمان، وكان بيده الأمر فيسير الجميع من شعبه مثلما يريد، فجاء الأمر الإلهي لسيدنا موسى بالذهاب إليه ودعوته إلى الإسلام؛ قال تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى*إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى*اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى*وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى*فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى*فَكَذَّبَ وَعَصَى*ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى*فَحَشَرَ فَنَادَى*فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى*فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى*إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} سورة النازعات-الآية 15 – 26، وكان أخذه أن لحق بسيدنا موسى وقومه في البحر فأغرقه الله، ولكن نجاه ببدنه ليكون آية وعبرة لمن يلحقه، فلم يتركه في الماء لتأكله الأسماك ويضيع جسده تحت الماء؛ قال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} سورة يونس-الآية ٩٢.