الثبات - إسلاميات
يتعصب: جاءت من التعصب، وجمعها أعصاب، وهي العروق التي تمشي في الجسد ويستعملها الإنسان في شدّ أعضائه مع بعضها البعض. هناك عصبية على حق، وهناك عصبية على غير ذلك، إلا أنّ الإسلام فرق بين هاتين من خلال تسمية الأولى وهي التي على حق بــ "الحميّة"، والثانية وهي التي على غير ذلك بــ "الجاهلية". والحمية: من باب الدفاع عنها، ورد الشبهات على قائليها، والذود عن حماها. هناك من دافع عن أمور مذمومة في الإسلام، مطلقاً عليها اسم "الحمية"، إلا أن القرآن والسنة النبوية بينوا ووضحوا هذه الأمور، ومنها:
أن يدافع الإنسان عن عقيدة، وهذه العقيدة ليست صحيحة، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} سورة الفتح-الآية26، حمية اتخذها الإنسان وهي على باطل.
أن تقلد المرأة في لباسها وزينتها نساء ما قبل الإسلام، وهذا ما بينه الله سبحانه وتعالى في قوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} سورة الأحزاب-الآية 33.
اقتضاء الحكم على ما قبل الإسلام، وأن تعود الأمور إلى الفوضى من خلال حكم الغاب، والذي يأكل القوي فيه الضعيف، قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} سورة المائدة-الآية 50.
الحمية لغير الله سبحانه وتعالى جاهلية، واليوم في زماننا الناس لا يتعصبون من أجل الدين والإسلام، وإنما يتعصبون للقوميات والمذهبيات والطوائف، معتقدين بصحيته، ومدافعين عنه بشتى الوسائل. التعصب للحق تبارك وتعالى محمود، والتعصب للباطل مذموم ومرفوض، لذلك قال سيدنا علي رضي الله عنه: ((اعرف الحق تعرف أصحابه))، لهذا ينبغي على الإنسان أن يعرف الحق والحقيقة، وهذا ما هو قليل ونادر بين رجالنا هذه الأيام والله المستعان.
اشتبهت على الناس الأمور، فما عادوا يميزون الحق من الباطل، وهذا يعود لعدم التوسع في المفاهيم والتعصب لفكرة معينة حتى وإن كانت باطلة، والعمل على تصحيحها وإيجاد جمهور يقول بها، حتى وإن كان من خلال المادة واستغلال نقطة ضعف المجتمعات، ألا وهي رغيف الخبز، ليصل أعداؤنا إلى ما يريدون، وهذا ما كان في أوائل الألفين من السنة الميلادية عندما جلس المثقفون في بيتوهم وتركوا الناس دون توعية وتثقيف فوصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.