الثبات - إسلاميات
أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل صلوات ربي عليهم أجمعين إلى البشرية جمعاء، مبشرين ومنذرين، طاعة وعبادة وإصلاح في أرض الله سبحانه وتعالى تنل درجة عالية عنده، ويدخلك جنات عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين التائبين الطائعين الصائمين الراكعين الساجدين المنيبين لرب العالمين، عصيان وتكبر وكفر بأنعم الله ضياع وخسران ونار أعدت للعاصين، فحكم عقلك وصن نفسك ولا تجعل منها آية في العصيان بل اجعل منها آية في الرضوان، وكن كما أرادك خالقك، ولا تكن كما أرادك الشيطان الذي أخرج أبويك من الجنة، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في تفسير قوله تعالى:
{إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَٰهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا} سورة المزمل-الآية15: خاطب الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية السورة وأمره بقيام الليل؛ ليزداد تبتلاً إلى الله؛ وليستطيع تحمل هذه الأمانة العظيمة, وكل هذا ليبلغ الرسالة ويوصلها إلى أصحابها؛ وليكون شاهداً عليهم يوم القيامة, وقد أعطى الله سبحانه وتعالى لأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ميزة خاصة ألا وهي شهادتهم على الأمم كافة؛ ومنه قوله تعالى:{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} سورة البقرة-الآية ١٤٣, ومن هنا - فإننا في تفسير القرآن الكريم لا نستطيع فصل بعض الآيات عن بعض, أو أن نفصل بعض الآيات عن السورة؛ لأن القرآن الكريم كتاب محكم ومتماسك - وبالعودة إلى تفسير, هناك فرق بين الرسول والنبي:
النبي: هو من جاء بشرع من قبله.
الرسول: هو من جاء بشرع جديد.
الشرائع التي جاء بها الرسل من قبل تختلف عن بعضها البعض باختلاف الجفرافيا والزمان, أما العقيدة فهي واحدة قائمة على التوحيد, فالدين عند الإسلام, فلا اختلاف بين الرسل في ذلك؛ ومنه قوله تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} سورة آل عمران-الآية ١٩؛ وقال تعالى على لسان سيدنا إبراهيم: { وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة البقرة-الآية ١٣٢؛ وقال أيضاً: { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} سورة آل عمران-الآية ٦٧, فكل الأنبياء والرسل كانوا مسلمين نسبة للعقيدة الواحدة, وبقيت شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صالحة لكل زمان ومكان؛ لأنه جاء برسالة العالمين؛ ومنه قوله تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} سورة سبأ-الآية ٢٨, وقد أنذر فرعون من قبل سيدنا موسى, وبدل أن يؤمن طغى واستعلى وتجبر, وادعى الألوهية .