الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102. أما بعد عباد الله:
يقول الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} سورة البقرة-الآية 155 – 157، يبين الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين أن هذه الدنيا فيها شيء من المرارة، كما فيها حلاوة، وفيها شدة كما فيها رخاء، وفيها ضيق كما فيها فرج، وما علينا في هذه الأحوال العصيبة إلا الاصغاء لأمر الله تبارك وتعالى، والصبر والعودة إلى الله سبحانه وتعالى من خلال العبادة والاستغفار، ونحن اليوم نعيش حالة ابتلاء من الله تبارك وتعالى مقابل ذنوب عظيمة ارتكبناها، أما بالنسبة للمؤمنين الطائعين الخاشعين فقد يكون من باب الاختبار.
الخوف يدرك أي شخص منا لا يعرف نهاية طريقه الذي يسلكه، أهو خير أم شر؟ رحمة أم عذاب؟ إن الله سبحانه وتعالى امتن على عباده من أهل مكة بالأمان، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} سورة القصص-الآية 57، موضوع الأمن شيء مهم في حياة الإنسان؛ لأنّ الإنسان إن لم يكن آمناً في بيته وبلده وأرضه فلن يبن مشروعاً ولن يكون صاحب فكرة أو نظرة، وبذلك تصبح الدنيا أمامهم مظلمة، إلا المؤمنين فتبقى قلوبهم معلقة بالله سبحانه وتعالى، ويبقى بذاته مع الله سبحانه وتعالى راجياً منّه وكرمه وفرجه وتقاه، وإن علم في نفسه ذنباً بقي يستغفر الله سبحانه وتعالى حتى يرفع الله سبحانه وتعالى عنه هذه الغمّة.
اليوم تعيش بلداننا العربية والإسلامية في هذه الغمّة، في لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن، وهذا الابتلاء صنعناه بأيدينا بفكر غربي متطرف، لا يعرف رحمة ولا منّة، يعمل لحسابه وصلحته الشخصية، إلا أنّ أهلنا وذوينا وشبابنا العربي والإسلامي انزلقوا في الفتنة الطائفية والعرقية، ومضوا يقتلون ببعضهم البعص، تلفت البلاد والعباد، وأصبحنا في ضياع وخراب لم تشهده الأمة من قبل. يجب علينا أن نعود إلى الله سبحانه وتعالى، وأولا هذه الأمور اتحاد شعوبنا، وفك الحصار عن بعضها البعض، وتوحيد الكلمة والصف والموقف، مستجيبين بذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى، وَالسَّهَرِ)).