الثبات - إسلاميات
العمل في المعمل واحد، عمال كثر، ومهنة واحدة، ونوعية الآلات واحدة، إلا أن العمل والإنتاج يختلف، وهذا ما يرجع إلى الإخلاص في العمل، كذلك هي صورة الطائع والعاصي، المعطي والمانع، المتقي والفاسق، كل إنسان، وكل لديه عقل ولسان وقدمين، إلا أن العمل يختلف، رجل يذكر الله سبحانه وتعالى موحداً ومهللاً، ويمشي بالخير كيفما كان وأينما حل، ورجل لسانه يتلفظ بألفاظ نابية ويمشي بالنميمة والأذى بين الناس، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في تفسير قوله تعالى:
{إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا} سورة المزمل-الآية ٧ : قدم الله سبحانه وتعالى للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وظيفة الليل وهي القيام، وكذلك في النهار هناك وظيفة وهي التسبيح والتهليل والتكبير لله سبحانه وتعالى؛ لأن الذين لا يذكرون الله إلا قليلاً هم أهل النفاق؛ ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلً} سورة النساء-الآية ١٤٢، وهنا جاء بكلمة (سبحاً) وهي من التنزيه، وهي تنزهك عن الشكوك والظنون التي ليست من صفات الله سبحانه وتعالى؛ ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} سورة آل عمران-الآية ١٥٤، فهذا هو حال البعيدين عن الله سبحانه وتعالى وعدم الذاكرين له، وقد قدم الله سبحانه وتعالى الجار والمجرور في قوله ( في النهار) على الجملة لأن فيه اختصاص.