الثبات - إسلاميات
مسؤوليات والتزامات، أعمال وأشغال وتسميات، رتب ومعالي واعتبارات، كلها وظائف عمل تحتاج إلى أشخاص ذوي إمكانيات، تستعد وتتأهب لتتقدم، تحمل المسؤولية بشغف، وتسعى لتكون في مكانها الصحيح، موقنة بأن هذه الدنيا بوابة عبور، ساعين إلى آخرة ذات سرور وحبور، عمل واجتهاد ومواضبة، كلها لأجل الوصول، وهكذا كان شأنه صلى الله عليه وسلم حين دعي لحمل الأمانة، احتاج إلى صفاء ونقاء فجاء الإلهام الرباني بقيام الليل والتهجد، وهذا ما نغفل عنه في ظل الأزمات والمحنات، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في تفسير قوله تعالى:
{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} سورة المزمل-الآية ٦: وهنا أخذنا الله سبحانه وتعالى إلى الليل ثانية, فالله تبارك وتعالى جعل هذا القرآن الكريم لتناجي الله سبحانه وتعالى به، مخالفاً بذلك نفسك وهواك، لتدخل بذلك إلى أسرار هذا الكتاب العظيم من خلال العبادات والطاعات والقربات؛ لأن عبادة الليل لها تأثير على النفس ووقع على الذات، فتجد القائم في الليل له نورانيات لا تجدها إلا عند من يقوم في الليل؛ ومنه قوله تعالى في الحديث القدسي: [مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ]؛ ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} سورة العنكبوت-الآية ٦٩. والجهاد الكبير هو في نشر الدعوة والقرآن؛ ومنه قوله تعالى:{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} سورة الفرقان-الآية ٥٢.