الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102.
أما بعد عباد الله: يقول الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} سورة المائدة-الآية 3: روى البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به. وروى أيضا مسلم والترمذي والنسائي من طرق عن قيس بن مسلم به. ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري، عن قيس، عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا، فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله ﷺ حين أنزلت: يوم عرفة، وأنا والله بعرفة، قال سفيان: وأشك، كان يوم الجمعة أم لا.
هذه الآية بحد ذاتها عيد؛ لأن فيها تصريح لإتمام الشريعة الغراء، ودليل إلى أن الدين ليس بحاجة أحد منا لإتمامه، فقد تممه النبي صلى الله عليه وسلم وخطب خطبة معلناً تمامه، وهذه الخطبة جمع فيها مجامع مركزيات الإسلام، والأصل أن كلامه صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، وقد ركز فيها النبي صلى الله عليه وسلم على مهام عظيمة علنا نقف على مبحثين مما جاء فيها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ))، لا يستطيع أحد أن يتكبر على أحد، فلا الأبيض يرى نفسه على الأسمر، ولا الطويل يرى نفسه على القصير، ولا الغني يرى نفسه على الفقير، ولا المتعلم يرى نفسه على الأمي، نحن كلنا بشر، نتعامل فيما بيننا بإنسانية دون تمايز، والناس سواسية كأسنان المشط، وما يميز بعضهم عن بعض التقوى، فأنا لا أساوي بين العاصي والمتقي. وإياك أن تجلس وتزكي نفسك، تقول أن كذا وكذا، قال الله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} سورة النجم-الآية 32.
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَيُهَا النَّاس، إنّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليكُمْ حَرَامٌ إلى أنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، كَحُرمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في شَهْرِ كُمْ هَذَا في بَلَدِكُم هَذَا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانةٌ فليؤُدِّها إلى مَنْ ائْتمَنَهُ عَلَيها))، دماؤكم حرام عليكم، لا يجوز لك أن تستبيح دم شخص مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إلا أننا نسينا وصية نبينا صلى الله عليه وسلم وذهبنا باجتهادنا يقتل بعضنا بعضاً، من أجل سلطة أو مال أو حقد أو كراهية، امتد القتل من تونس إلى ليبيا مروراً بمصر والعراق وانتهاءً بسوريا، يقتلون الرجل بدم بارد وهم يقولون: (الله أكبر)، والله سبحانه وتعالى برئ مما يدعون، شوهوا الإسلام وحرفوه وزوروه ومشوا بما أمرتهم به الصهيونية بحلة إسلامية؛ كي لا يكشف خبثهم، فماذا نحن فاعلون؟ وكيف سنلاقي ربنا ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ وكيف سندافع عن أنفسنا وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر؟ لنرجع إلى رشدنا ونتبع وصية نبينا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولنكن مسلمين بحق.