الثبات - إسلاميات
اختصاصات جامعية، وتدريب مستمر، واتصالات هاتفية مع أصحاب الشأن هنا وهناك، من أجل وظيفة تصنع منها مستقبلك، بيت وأسرة وسيارة، تعيش في هذا المجتمع براحة جسدية وفكرية ومادية، وهذا كله جاء نتيجة الجهوزية الكاملة التي أعدت لها خلال سنوات في الجامعة، هذا المكان يحتاج إلى شهادة كذا وكذا، فما بالك بالقرآن الكريم، كلام الله سبحانه وتعالى، يحتاج إلى نقاء وصفاء واستمرارية في الحفظ والأداء، صدق النية مع الله سبحانه وتعالى، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في تفسير قوله تعالى:
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} سورة المزمل-الآية ٥: وبعد أن أمر الله سبحانه وتعالى بقيام الليل أشار وكأن هذه الإشارة تعليل؛ أي أن القرآن الكريم شديد الوطأة على النفس وعلى الذات، وهذه الشدة تحتاج إلى رقي روحي حتى تستطيع تحمل هذا القرآن العظيم والذي سيدخل في القلب والجوف، فالله وجه النبي إلى قيام الليل لماذا؟؛ لأن قيام الليل يرقي الإنسان بروحه ونفسه، فإن كان للإنسان ذلك السمو استطاع أن يحمل القرآن العظيم والمعاني العظيمة له، فهذا هو التشريع ومن أراد حمل هذا التشريع يجب أن يكون كذلك كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ))؛ فإذا كنت تريد الجنة فعليك بالتعب والسعي؛ وهذا ما أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ))، وحتى هذا الثقل كان ثقلاً مادياً، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: ((وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا))، وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: ((كان إذا نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقل لذلك. ومرة وقع فخذه على فخذي، فو الله ما وجدت شيئا أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وربما أوحي إليه وهو على راحلته فترعد حتى يظن أن ذراعها ينفصم وربما بركت)).