الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102.
أما بعد عباد الله: قال الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} سورة البقرة-الآية 185، منّ الله سبحانه وتعالى علينا بأن جعل صيامنا في هذا الشهر العظيم، هداية ربانية في دستور قرآني نزل في شهر رمضان المبارك فما أعظمها من هداية، هذا الدستور الذي نجد فيه كل صغيرة وكل كبيرة من حلال وحرام، كتاب هداية وتربية وتقوى، قال تعالى: {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} سورة البقرة-الآية2، ليس كتاب تبرك فقط، وليس كتاب مجاملات، بل كتاب هدى يهتدي به الإنسان الذي إن لم يجد قانوناً يردعه أكل قويه ضعيفه، ويستحوذ السلاطين والحكام على المحكومين،والتصنع في القيم والأخلاق.
إذا نظرنا إلى أوروبا وغيرها من بلدان غربية لنجد أنهم يعيشون بنفحات القرآن الكريم مستمدين قوانينهم من القرآن الكريم، وهذه فرنسا فيها ما يقارب من 80% من قوانينها مستمد من فقه المسلمين، ولكن بكل أسف المسلمون لا يعلمون ولا يعرفون قيمة هذا الكتاب العظيم.
من منا سأل نفسه لماذا نصوم؟ سؤال استفهامي وليس سؤالاً اعتراضياً
لا يحق لنا أن نعيش وفق روتين معين، الأب مسلم والأم مسلمة والأولاد يقلدون وهكذا، بل يجب عليك أن تعرف لماذا تقوم بهذا ومن أجل من، ويجب أن تعرف قيمتك في هذه الدنيا. كرمك الله سبحانه وتعالى حيث قال: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} سورة الإسراء-الآية70، خلقك الله في أحسن تقويم، فلك أن تسأل وتعرف وتتيقن وتكون فاعلاً في هذا المجتمع.
قال الله تعالى: { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} سورة الأنعام-الآية 38، ما فرط الله سبحانه وتعالى في القرآن من شيء إلا وبيّنه وحد حدوده، وأظهر معالمه، الله سبحانه وتعالى أعطاك العقل من أجل التدبر وهو سائلك يوم القيامة، قال تعالى:{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} سورة محمد-الآية 24، وقال تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولً} سورة الأحزاب-الآية 72.
لا يجوز لك التقليد في العقائد والفرائض، وجاء في نظم الجوهرة: ((إِذْ كُلُّ مَنْ قَلَّدَ فِـي التَوْحِيـدِ...إِيمَانُـهُ لَـمْ يَخْـلُ مِـنْ تَـرْدِيـدِ)) نحن أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مليار وبعض المليار نتبع القلة، نتبع الأشرار والفجار في كل قضايانا الكونية، ولو سلكوا بنا جحر ضب لسلكناه معهم، كلا وألف كلا فالحذر الحذر من هذا ولنرجع إلى ربنا سبحانه وتعالى ونتعلم أمور ديننا ونميز بين الأمور كي لا نهلك.
سلسلة خطب الشيخ المربي عبد الناصر جبري رضوان الله عليه