الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا رسول الله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102.
أما بعد عباد الله: قال الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَبَشِّرِ الذّينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الذّي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالدّونَ} سورة البقرة-الآية: 25.
جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، ليست لسواهم، وهذا ما يفتح باب التقوى على جميع الأفعال، فالعمل صالح وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى لا يوصلك وحده إلى التقوى، بل يجب أن تكون التقوى موجودة في تعاملك مع نفسك، ومع زوجك، ومع أبنائك، ومع جيرانك، ومع من تعرف، ومن لا تعرف، وفي بيعك وشرائك، وفي نظرك وسمعك ولسانك، ومع قلبك الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))، مصدر التقوى، قلبك اجعله خالصًا لله سبحانه وتعالى، ولا تدع نفسك توسوس لك بالمعاصي، أو ظلم الآخرين.
ليست الجنة كما يظنها البعض أكل ونوم ونساء، بل هي أكبر وأكثر من ذلك، فكّر بلقاء الحبيب المصطفى ولقاء من تحب، ورؤية الحق سبحانه وتعالى، فكر بإنجاز مجتهد أمر بالإخلاص فكان مخلصاً وحصل على العلامات الكاملة عند رب كريم رحيم، ولنبتعد عن الشهوات التي تكاد تهلكنا في الدنيا قبل الآخرة، جاء من أفسد لنا صورة الجنة وصورها بنساء أو حوريات وقلب الصورة رأساً على عقب، لنكون عابدين لشهوة لا وجود لها في الآخرة، ولن نكون مثلما نحن في الآخرة.
تقول السيدة رابعة العدوية في دعائها: اللهم إني أعبدك ليس خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك، ولكنك إله تستحق العبادة، يقين بالله سبحانه وتعالى، إيمان وإخلاص، عبودية لا حدود لها، رأت ما أعطاها الله من نعم جمّة لا تحصى ولا تعد، يدان لا تقيمان بقيمة، وعيون لم ولن يصل الطب قديمًا أو حديثًا إلى تكوين مشابه لهما، حالة التطور التي يمر بها الإنسان من الطفولة إلى الكهولة لا مثيل لها، ومع هذا كله ترك لنا آيات في الأرض تخالف الطبيعة التي نعرفها لنتعض ونعتبر، ولنكون من العابدين الشاكرين الذاكرين المتقين، ولنعبد الله سبحانه وتعالى حق عبادته.