الثبات - إسلاميات
سلسلة وحي القرآن الكريم
في رحاب سورة البقرة
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ}
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الله تعالى في سورة البقرة:
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
وعد الله تعالى المنفقين من الحلال الطيب من كسبهم، والذين بذلوا جهداً كبيراً في تحصيله ومالت أنفسهم إلى الاحتفاظ به، مغفرةً منه وفضلاً عظيماً، وأن ينير بصائرهم ويصوّب مسارهم، فإنّ من آتاه الله الحكمة آتاه خيراً كثيراً لا يعلم حدوده إلا الله.
والزكاة الواجبة يجب إظهارها تشجيعاً للآخرين على أدائها، وسماها الله تعالى صدقةً لأنها تدل على صدق صاحبها، أما صدقات التطوع فإخفاؤها وإعطاؤها سرّاً يحفظ كرامة الآخذ فهو خيرٌ للمعطي، لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وأدعى إلى القبول والإثابة، وقد وعد الله تعالى المتصدقين أن يستر سيئاتهم ويغفرها لهم، لأنه مطلعٌ على خبايا أنفسهم وما يبدون، من هنا مدح النبي صلى الله عليه وسلم صدقة السر وأثنى على فاعلها حتى أخبر أنه أحد السبعة الذين هم في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظلة، حيث قال: "... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وتطلق الصدقة على الفرض والنفل كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها} وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} والمقصود بها الزكاة المفروضة، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "نفقة المرء على عياله صدقة" وهي واجبة مفروضة، أمَّا الزكاة فإنَّها لا تطلق إلا على الفرض، وفائدة إنفاق المال تعود على المنفق نفسه ما دام مخلصاً في العطاء مقبلاً على الله طالباً ما عنده راغباً إليه أن يتقبل منه ويثيبه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.