الثبات - إسلاميات
سلسلة وحي القرآن الكريم
من وحي سورة البقرة "حذار أن تكون مثلهم!"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الله تعالى في سورة البقرة:
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُون وإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}
نادى الله تعالى بني إسرائيل يأمرهم أن يتذكروا نعمه عليهم، نعمةً نعمة، يذكروها فيشكروه بأداء ما أوجب عليهم، وبدأ يعددها واحدةً واحدة:
أوّلها: أنه فضلهم على العالمين، وشكرها يكون بأداء ما افترض عليهم لإنقاذ أنفسهم من المؤاخذة يوم القيامة، وبيّن لهم أنّ كلَّ إنسانٍ مسؤول عن عمله محاسبٌ عليه، لا يتحمل أحدٌ عن أحد، والمذنب لا يستطيع أن يفلت من عذاب الله يوم القيامة، فالكل خاضعٌ لله لا ينجو إلا من عذابه إلا بطاعته.
أما النعمة الثانية: فإنقاذهم من آل فرعون، من الظلمة الذين أذاقوهم سوء العذاب، فأيُّ عذابٍ أشدُّ من أن يرى الأب ابنه يُذبح أمامه، ويرى ابنته تُستخدم من غير أهلها، بلاءٌ عظيمٌ رفعه الله عن بني إسرائيل فأخرجهم من مصر وعبر بهم موسى البحر بين جبال الماء، وتبعهم فرعون يريد إعادتهم لخدمته، لم يفكّر فيما رأى من المعجزة أمامه، فلما وصل قوم موسى إلى الضفة الثانية عاد البحر كما كان قبل أن يضربه موسى بعصاه، فأغرق الله فرعون وقومه، وأنجى موسى ومن معه من المؤمنين، ورأوا بأمّ العين كيف ابتلع البحر فرعون الذي ادعى الألوهية فأيقنوا بموته.
وما إن خرج قوم موسى ومرّوا بقوم يعبدون الأصنام طلبوا من موسى أن يجعل لهم صنماً كما لأولئك أصنام، فزجرهم وذكّرهم نِعَمَ الله عليهم فسكتوا، وواعد الله موسى أربعين ليلة، فانتهز القوم غياب موسى وصنعوا لأنفسهم عجلاً جسداً عبدوه من دون الله، فبدل أن يشكروا الله على نعمة مناجاة نبيهم له وتلقي الشرع منه وهذا بحد ذاته تكريم لهم، جحدوا وعبدوا العجل، فتاب عليهم وعفا عنهم، فوجب عليهم أن ينظروافي نعم الله فيؤدوا ما يجب عليهم، وآتى الله موسى الكتاب والفرقان، وفي هذا دعوة غير مباشرة لأمة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أن تفكروا في كتابكم وانظروا في أخبار من سبقكم، لتأتمروا بأمر ربكم وتنتهوا عما زجركم عنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.