الثبات - إسلاميات
سلسلة وحي القرآن الكريم
من وحي سورة البقرة
"آدم والشجرة"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الله تعالى في سورة البقرة:
{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
حوّل الله تعالى التراب المادة الصمّاء إلى إنسانٍ يتحرك فيه أكثر من دليلٍ على وجود الله تعالى وقدرته، مااستوجب إسجاد الملائكة من الله تعالى لآدم، وزوّد الله هذا المخلوق بقلبٍ وعقلٍ ولسانٍ وأذنين ليكون ما يقوله نصف ما يسمعه، ووهبه يدين يعمل بهما، لأن يداً واحدةً لا تعمل ولا تنتج، ووهبه عينين ينظر ما حوله فيعرف ما ينفعه ويجتنب ما يضرّه.
فالله تعالى زوّد آدم عليه السلام بما يستطيع من خلاله عمارة الأرض لكنّه أسكنه الجنة، وأباح له أن يأكلمن أشجار الجنة باستثناء شجرةٍ واحدةٍ عيّنها له بالإشارة، وترك له الاختيار من سائر الأشجار يأكل منها ما يشاء، وكان هذا أول تكليفٍ لآدم، فرأى آدم باجتهاده أن ما دعاه إليه الشيطان خير له في دينه ومعاشه، ، فجاء التأنيب الربانيّ {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} حيث أهبط الله آدم وحوّاء عليهما السلام إلى الأرض لتكون داراً لهم يعمروها ويتمتعوا بخيراتها إلى حين بلوغهم الأجل المحدد لانتقالهم من الدنيا، وندم الزوجان على ما بدر منهما وتابا وأنابا إلى الله فتاب عليهما {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، وأنزل الله على آدم وزوجه وولده شريعةً تتناسب مع حالهم، وتوسّعت على مرّ الأيام إلى أن بلغت كمالها ببعثة النبيّ الخاتم محمّدٍ صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.