الثبات - التصوف
قصيدة البردة
الإمام البوصيري
الفصل السادس
"في شـرف الــقرآن ومدحـه"
دَعْنِي وَوصْفِي آيَاتٍ لَهُ ظَهَـرَتْ ... ظُهُورَ نَارٍ القِرَى لَيْلاً عَلَى عَلَـمِ
فَالدُّرُّ يَزْدَادُ حُسْناً وهُوَ مُنْتَظِمٌ... وَلَيْسَ يَنْقُصُ قَدْراً غَيْرَ مُنْتَظِمِ
فَمَا تُطَاوِلَ آمَالِ الْمَديـــــحِ إِلى ... مَا فِيهِ مِنْ كَرَمِ الْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمِ
آيَــاتُ حَقٍّ مِنَ الرّحْمنُ مُحْدَثَةٌ... قَدِيْةٌ صِفَةُ الْمَوْصُوْفِ بِالقِدَمِ
لَمْ تَقْتَــــــــرِنْ بِزَمِانٍ وَّهْيَ تُخْبِرُنَا ... عَنِ الْمَعَادِ وَعَنْ عَادٍ وَعَنْ إِرَمِ
دَامَتْ لَدَيْنَا فَفَاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةً ... مِنَ النَّبِيِّيْـــــنَ إِذْ جَاءَتْ وَلَمْ تَدُمِ
مُحَكَّمَـــاتٌ فَمَا يُبْقِيَنَ مِنْ شُبَهٍ... لِذِيْ شِقَاقٍ وَلاَ يَبْغِيْنَ مِنْ حَكَمِ
مَا حُوْرِبَتْ قَطُّ إِلّا عَادَ مِنْ حَرَبٍ ... أَعْدَى الْأَعَادِيْ إِلَيْهَا مُلْقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بَلَاغَتُهَا دَعْوى مُعَارِضِهَا... رَدَّ الْغُيْورِ يَدَ الْجَانِ عَنِ الْحَرَمِ
لَهَا مَعَانٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فِيْ مَدَدٍ ... وَفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِيْ الْحُسْنِ وَالْقِيَمِ
فَلَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصى عَجَائِبُهَا... وَلَا تُسَامُ عَلىَ الْإِكْثَارِ باِلسَّـــــــأَمِ
قَرَّتْ بِهَا عَيْنُ قَارِيْهَا فَقُلْتُ لَهُ... لَقَدْ ظَفِرْتَ بِحَبْلِ الِلّٰهِ فَاعْتَصِمِ
إِنْ تَتْلُهَا خِيْفَ مِنْ حَرِّ نَارِ لَظى... أَطْفَأْتَ حَرِّ لَظى مِنْ وِّرْدِهَا الشِّبيَمِ
كَأَنَّهَا الحَوْضُ تَبْيَضُّ الْوُجُوهُ بِهِ...مِنَ العُصَاةِ وَقَدْ جَاءُوهُ كَالْحُمَمِ
وَكَالصِّـــــــــرَاطِ وَكَالْمِيْزَانِ مَعْدَلَةً ... فَالْقِسْطُ مِنْ غَيْرِهَا فِيْ النَّــــاسِ لَمْ يَقُمِ
لَا تَعْجَبَنْ لِحَسُوْدٍ رَّاحَ يُنْكِرُهَا... تَجَاهُلً وَّهُوَ عَيْنُ الْحَاذِقِ الْفَهِمِ
قَدْ تُنْكِرُ الْعَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَّمَدٍ ... وَيُنْكِرُ الْفَمُ طَعْمَ الْمَاءِ مِنْ سَقَمِ