الثبات - علوم إسلامية
ضرورةُ عِلم الفقه للمسلم
اهتمت الشريعة الإسلامية بنشأة الإنسان من قبل مجيئه إلى الدنيا وحياته التي مر فيها وصولاً إلى موته وما يكون في تركته بعدها، فالفقه لا ينتهي ولكن يكتمل حتى بعد موته، والإنسان ما هو إلا نواة تكوين المجتمع، فقد نظم الشرع علاقته مع الغير وكذلك علاقة الغير به، وبين حقوق الفرد وواجباته وألزمه بواجباته وخيّره في حقوقه، لأنَّ الواجبات التي عليه هي حقوق للآخرين، ونظم الفقه كيفية تعامل الفرد في مجتمعه وكذلك علاقة الحاكم بالمحكوم.
تعريف الفقه
في اللغة: في بيان معنى الفقه في اللغة؛ فقيل إنّه الفهم المطلق، وقيل إنّه فهم الأمور والأشياء الدقيقة، أمّا الفقه في الاصطلاح: فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية التي تُستنبط من الأدلة التفصيلية، من الأصلين؛ القرآن الكريم والسنة النبوية.
فضل الفقه في الدين
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: 122]، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي"، وقال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: "يا كميل، العلم خيرٌ من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه الفقه، والعلم يزكو بالإنفاق"
التفقّه في الدين من أهم الأمور التي لا بدّ منها للمسلم، فالحكمة من الخلق تكمُن في عبادة الله تعالى، والعبادة لا تكون إلّا بالمعرفة في الفقه الإسلامي وأدلته، والأحكام المتعلّقة به. يؤثّر العلم النافع والمفيد في الخشية من الله تعالى، واستشعار مراقبته دائماً، وتعظيم حرماته، ممّا يدفع بالمرء إلى أداء الواجبات والأوامر، والدعوة إلى الله تعالى، وبيان الحق للعباد، وذلك علامةٌ ودليلٌ على حبّ الله للعبد، وإرادة الخير له. نيل وتحقيق الهداية والسعادة، حيث إنّ العلم النافع من أسباب السعادة والهداية إن حرص العبد المسلم على التقوى، وعمل بما يدعو إليه. يعدّ طلب العلم من أعظم القُربات والعبادات التي يتقرّب بها العبد المسلم إلى ربه، ومن أشرف وأجلّ العلوم علوم الشريعة
من شعر الإمام الشافعي في فضل الفقه
كُلُّ العُلومِ سِوى القُرآنِ مَشغَلَةٌ ... إِلّا الحَديثَ وَعِلمَ الفِقهِ في الدينِ
العِلمُ ما كانَ فيهِ قالَ حَدَّثَنا ... وَما سِوى ذاكَ وَسواسُ الشَياطينِ
الأثر العالمي للفقه الإسلامي
يقول المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب"، إن الجنرال الفرنسي الأشهر نابليون بونابرت عند عودته إلى بلاده فرنسا راجعاً من مصر سنة 1801، أخذ معه كتاب فقهي من مذهب الإمام مالك بن أنس اسمه "شرح الدردير على متن خليل"، ويعتبر الفقه المالكي أول فقه إسلامي رافق الأوروبيين.
هذا الكتاب الفقهي الذي أخذه بونابرت معه، يقول لوبون، إنه بنى عليه القانون الفرنسي الذي كان أحد أهم أسباب نهضة الدولة، خاصة في مادة الأحكام والعقود والالتزامات، ليكون بذلك للفقه الإسلامي خاصة المالكي أثر كبير في التشريع الفرنسي خاصة مدونة الفقه المدني المعروفة بمدونة نابليون.
أقسام الفقه الإسلامي
تُقسم مباحث الفقه الإسلامي إلى الأقسام التالية :
العبادات _ المعاملات _ العقوبات
أولاً: العبادات، وهي خمسة (الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد) .
ثانياً: المعاملات: (المعاوضات المالية، الأمانات، المناكحات، المخاصمات، التركات) .
ثالثاً : العقوبات: (الجنايات ، الجراحات ، الحدود ، التعزيرات) .
ملاحظة: نقصد بالمناكحات ما يشمل الزواج والطلاق، وملحقاتهما وآثارهما، ونقصد بالجنايات الخمس المنصوصة، وهي: القتل، والسرقة، والزنا، والشرب، والقذف، وبالحدود هي العقوبات المقدرة شرعاً، وبالتعزيرات هي العقوبات غير المقدرة بالشرع، والتي ترجع للحاكم.