أقلام الثبات
على ما يبدو أن الساعات القليلة المقبلة، ستكون حاسمةً في شأن مصير إستمرار تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة المرتقبة، أم الإعتذار عن ذلك، فإن تعقيدات الأمور في مسار التأليف، كعقدة تسمية الوزراء الشيعة، كذلك إمكان بروز عقدة مسيحية مماثلة، لاتزال قائمة، ولا من معلومات تؤكد وصول المعنيين في عملية التأليف، الى تذليل هذه التعقيدات، بالتالي إستكمال هذا المسار، وصولاً الى خواتيمه المرجوة. لذلك، فإن رجحان كفة الإعتذار، على كفة إستمرار السير في "التأليف"، وفق رأي مصادر سياسية مواكبة للإتصالات الرامية الى تشكيل الحكومة المرتقبة. وتستند المصادر في رأيها المذكور، الى معلومات مؤكدة لديها، أن أديب متشدد راهناً، أكثر من أي وقتٍ مضى، على ضرورة تشكيل حكومة من المستقلين، لتكون (حكومة مهمة)، كما سمّاها أديب، كي يتسنى له، تحقيق إنجازين أساسيين، وقف الإنهيار، ووضع خطة إصلاحية. بالإضافة الى تزخيم العمل في إعادة إعمار بيروت، اثر كارثة الرابع من آب.
وتنقل المصادر عن الأجواء المحيطة بالرئيس المكلَف، أن حكومة المحاصصة الطائفية والسياسية، ستؤدي حتماً الى إفشاله في المهمة الموكلة إليه، وهو غير مستعد لذلك على الإطلاق. كذلك تؤكد المصادر عينها، أن ما زاد في عناد أديب، وتمسكه بطرحه الأول، أي (تشكيل حكومة مهمة)، هو إطلاق الرئيس سعد الحريري، مبادرته الأخيرة، التي أبدى فيها، عدم ممانعته، إسناد وزارة المال الى الشيعة. وبالرغم من أن هذه الموافقة مشروطة، بأن ينتقي أديب، وزير المال في الحكومة العتيدة، ولكن هذه المبادرة، ستفتح الباب أمام تدخل مختلف المكونات اللبنانيين، في عملية التأليف، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف، في شكلٍ قاطعٍ، تجزم المصادر. كذلك أدى أداء الحريري السياسي في الآونة الأخيرة، الى فتور في العلاقة بينهما، ودائماً بحسب معلومات المصادر.
وعن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف مساء يوم الجمعة الفائت، فقد جاء بناءً على إستدعاء عون لأديب، للإطلاع منه على آخر مستجدات "التأليف"، حرصاً من رئيس البلاد، على عدم ضياع فرصة المبادرة الفرنسية الإنقاذية، وفق معلومات مرجع شيعي قريب من "الثنائي"، حركة أمل وحزب الله. وينقل بعض أجواء اللقاء المذكور، مؤكداً أن عون شدد على أديب ضرورة التزام الأطر الدستورية، في عملية "التأليف"، خصوصاً لجهة عقد المشاورات بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف للتفاهم على تشكيل الحكومة المرتجاة. وأن رئيس البلاد لن يوقع مرسوم تشكيل حكومة، لا تحظى بثقة المجلس النيابي، أو حكومة غير ميثاقية، كحكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى في العام 2006، بعد خروج الوزراء الشيعة والوزير يعقوب الصراف منها. وفي المحصلة، فأن رئيس الجمهورية متمسك أيضاً، بالآلية الدستورية لتأليف الحكومات، وميثاق العيش الواحد.
بناءً على ما تقدم إعلاه، وفي ضوء تمسك كل من الجانبين المعنيين في عملية "التأليف"، بثوابته، يؤكد صدقية المعلومات التي تتحدث عن وجود هوة بين الرئاستين الأولى والثالثة، وهذا ما يعزز فرضية إعتذار أديب في الساعات المقبلة عن متابعة مهمته .