الجيش اللبناني..جاهز للنَزف وليس للإستنزاف ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 16 أيلول , 2020 09:20 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ حرب نهر البارد عام 2007 ومعارك زواريب طرابلس، مروراً بعرسال "أبو طاقية"، ووصولاً الى إمارة "أحمد الأسير" في شرق صيدا، وانتهاء اليوم بما تُسمَّى "الثورة"، يحاول الجيش اللبناني حمل البندقية وفي فوهتها غصن زيتون، رغم أنه الوحيد الأوحد الموضوع في فوهة البندقية، تحت ذريعة سياسية تافهة مفروضة عليه إسمها السلم الأهلي.

من خلية "التلاوي" الإرهابية التي سقط فيها شهداء للجيش خلال مداهماته لها في البداوي على خلفية جريمة كفتون، الى زعران ميليشيات يستعرضون ثقافتهم البالية ويستعيدون تاريخ "القوات اللبنانية" أمام مقر التيار الوطني الحر على أوتوستراد سن الفيل، يتزامن تقديم الشهداء في البداوي، مع لجم أولاد الشوارع في سن الفيل، الذين طلب منهم قائدهم سمير جعجع الإنسحاب بعد أن جاءتهم ردود فعل العونيين بما يليق بهم.

مؤسفٌ أن يعيش الشعب اللبناني على أمل، أن لبنان سيكون أفضل بعد رحيل قادة الميليشيات، الذين نقلوا قذارة ثقافتهم من المتاريس الى الدولة، تحت شعارٍ كاذبٍ إسمه الوحدة الوطنية ولكن، أن تدفع المؤسسة العسكرية وأفراد الجيش اللبناني ثمن سياسات الميليشيات الفالتة و"ثوار" أزمنة القحط الفكري، فهذه باتت مسؤولية شرفاء الشعب اللبناني على مختلف مستوياتهم، لأن الشعارات والقصائد في دعم الجيش لم تعُد تنفع، والمُشاركة ولو بصدور عارية في احتضانه باتت ضرورة، ليس لأنه بحاجة لحماية شعبية، بل لحاجة الناس الى تنشُّق عطر الإنتماء الوطني من خلاله، والتحرُّر من إيديولوجية التقسيم التي تُحرِّك العقول الساذجة في لبنان، سواء عبر طرح الفيدرالية من جماعات الكانتونات أو عبر طرح الحياد غير المبني على حيثيات منطقية تحترم ديكتاتورية الجغرافيا وموقع لبنان.

ولأنه من السهل عند كل أزمة في لبنان تحميل الخارج الإقليمي والدولي مسؤوليتها، وهذا ليس بمُستبعد، خصوصاً عن العدو الصهيوني ونواطير النفط الخليجي، لكن هذا لا يمنعنا من الإعتراف، أن داعش / دولة الخلافة موجودة في فكر شريحة ولو صغيرة من الشعب اللبناني، و"الأخوان" موجودون تحت راية العلم التركي، والتقسيميون موجودون بكثرة، وجماعة "الحياد الناشط" هبطوا علينا كما القشَّة التي تقصم ظهر البعير "المقصوف" بكل مصائب التخلُّف، وتلك الشراذم التي زوَّرت العلم اللبناني ووصمته باللون الأسود كما قلوبها، كيف لنا أن نتشارك معها في ترميم وطن؟! 

المشكلة السياسية / الإجتماعية التي يدفع ثمنها الجيش اللبناني من دماء شهدائه ومن هيبته الوطنية، أنه يتعاطى في طرابلس على سبيل المثال مع متشدِّدين عُميان البصر والبصيرة غايتهم دولة الخلافة، ويتعاطى في بيروت وسواها من المناطق اللبنانية مع أولاد بعضهم دون العشرين، يُسيِّرهُم قادة ميليشيات عاثوا فساداً وإجراماً بحق الشعب اللبناني سواء كانوا في السلطة أو خارجها، يهلوسون بالفيدرالية حيناً وبالحياد أحياناً، ويتناسون أن لبنان لا هو أفغانستان ولا سويسرا، وحدوده لا هي على حدود تشاد ولا هو جار للسويد والنروج، وكفى "داعشية" في رفض الآخر من كل الأطراف كائناً من كانوا.

لا وطن نهائي لنا دون جيشٍ متحرِّر من حسابات زعماء ننتظر رحيلهم، وكفانا نراهن أن صغار العقول والنفوس سوف يكبرون يوماً ليستحقوا شراكتنا في الوطن، والجيش اللبناني جاهزٌ لنزف المزيد من الدماء ولكن، لا لإستنزافه في الشارع من أبناء شوارع، وكلمة "الأمر لي" ينتظرها اللبنانيون الأوادم من الجيش لأن الكيل قد طفح...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل