سقوط الحياد .. واسقاط الوصاية الدولية ـ يونس عودة

الثلاثاء 15 أيلول , 2020 10:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم تنجح "البروباغندا" رغم وصولها الى الذورة، في اقناع اللبنانيين ولا حتى صاحب النجدة الافتراضي - اي- ما يسمى بالمجتمع ىالدولي ، بامكانية ان يكون الحياد مخرجا للبنان من ازماته ، رغم تلوين البروباغندا السخيفة بمصطلح غريب هو "الحياد الناشط "، اي بمعنى اخر وضع لبنان تحت الوصاية الدولية التي يسعى اليها اعداء لبنان العمليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية بالتكافل العميق مع اسرائيل منذ هزيمة العام 2006 ، بحيث ان الندوب في كل تشكيلات الجيش الاسرائيلي لا تزال مقلقة .

في الجوهر ، ليس هدف المطالبين، والمحاضرين بعفة الحياد الا تسجيل نقطة - هدف- في مرمى الرافضين وضع لبنان في اسر قوات دولية قادرة اسرائيل على ان تكون لها اليد الطولى في التحكم لاحقا بمجريات اعمالها على الارض ، ان كان لهذا المسار من حظوظ .وهو ما حاولت الولايات المتحدة فرضه على لبنان انطلاقا من الجنوب عشية التجديد للقوات الدولية المعززة ، وتوسيع مهامها في الجنوب ومد هذه المهام الى العمق اللبناني ولا سيما على المرافئ بما فيها، وفي مقدمتها مرفأ بيروت ، وكذلك مطار بيروت الدولي ، والحدود بين لبنان وسوريا .

لم يتمكن الملتحقون المحليون بهذه التوجهات من هضم نكستين في مسار اقنعهم المسؤولون الاميركيون انه سينجح، فجرى الانتقال الى خطوات اكثر وضوحا مع تعسر تشكيل الحكومة مؤقتا ، وهو ما دفع اليه الاميركيون من خلال العقوبات التي فرضت على وزيرين سابقين معروفي الانتماء ، بعد فشل الاميركيين الذين لوحوا بتصعيد العقوبات في فرض ترسيم الحدود البحرية لصالح اسرائيل،وتمثلت الخطوة الجديدة - القديمة بالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت ،وقد عبر عن ذلك الفريق نفسه الذي طالب بمحكمة دولية عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل 14 عاما ونيف، وبشعارات متماهية الى ابعد الحدود مع تلك الشعارات التي جاءت بالمحكمة الدولية ، لكن هذه المرة بقيادة صاحب مقولة "الحياد" البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي قال أن إحياء ذكرى ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، "هو لفتح قضية لن نغلقها حتى معرفة الحقيقة"، معتبراً أن "التخبط في التحقيق المحلي والمعلومات المتضاربة والشكوك المتزايدة والحريق الثاني المفتعل والمبهم وإهمال المسؤولين يدفعنا للمطالبة بتحقيق دولي محايد ومستقل"أن "السيادة لا تتعارض مع العدالة ومن واجب الأمم المتحدة أن تفرض التحقيق الدولي لأن انفجار المرفأ وقتل الشعب وتدمير العاصمة جريمة انسانية".

لقد تجاهل البطريرك، ومعه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي طالب بلجنة تقصّي حقائق دولية توفدها منظمة الأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن ، تجاهلا ان محققين اميركيين من "الاف بي اي "ومحققين فرنسيين ، ومن دول اخرى قاموا بتحقيقات في مسرح الانفجار ،وصولا الى احتمالات ان يكون الانفجار متعمدا ،او ناتجاً عن تخزين ذخائر وصواريخ للمقاومة، لكن نتائج التحقيق من الخبراء "الدوليين"وصلت الى الخلاصة والاستنتاج نفسه الذي توصلت اليه اجهزة التحقيق اللبنانية بان الانفجار ناجم عن الاهمال وسؤ التخزين .

ليس الهدف من المطالبة بلجنة تحقيق دولية في انفجار المرفأ هو ما يمكن ان تتوصل اليه اللجنة المتوخاة من خلاصات، بقدر ما هو محاولة اعادة خطف السلطة مرة ثانية على غرار ما حصل بعد اغتيال الحريري الذي صرف لبنان على محكمته حوالي مليار دولار، وكانت النتيجة الباهتة والاتهام غير المسنود بالوقائع والقرائن بعد 14 عشر عاما من الاكاذيب والاضاليل ، ومحاولات تشويه السمعة ، اي بمعنى اخر ،" الاستقواء السلبي الناشط "بالخارج بعد الفشل الجديد في الانقلاب التدريجي ، الذي استند اليه في القبض على السلطة لسنوات طويلة حسمتها اخيرا صناديق الاقتراع .

لقد اعتقد المتوهمون ان الظروف نضجت للانقضاض من جديد بعد "ثورة "اطفال الانابيب الهجينة التي شوهت الحراك الحقيقي للشعب اللبناني ومطالبه المحقة، فهم ببساطة يقومون بالوظيفة المطلوبة منهم ضمن الخطة الشاملة التي اعدتها الولايات المتحدة للمنطقة ، لتصفية القضية الفلسطينية ،وعقد اتفاقات صلح وسلام واعتراف عربي بالكيان "الاسرائيلي" ، يكون الحياد اللبناني الخطوة الاولى على الطريق ،ومن ثم وضع لبنان تحت الوصاية الدولية ، وربما حصرا الاميركية لاحقا ، وقد حصلت اجتماعات غير معلنة في مؤسسات رسمية بحضور خبراء اميركيين لدراسة اعادة هيكلة تلك المؤسسات بما يخدم البرنامج الموضوع ربطا بالحياد الذي دونه صدام محتوم .

من هنا يلاحظ ان الفريق المعادي لرئيس الجمهورية وللمقاومة ، ومن ضمن محاولات ابعاد الشبهة عنه بأنه مطية للخارج ، يصور رئيس الحكومة المكلف بانه مجرد دمية فرنسية ، رغم الاحتواء الكامل له وتسميته من جانب رؤوساء الحكومات السابقين الاربعة الذين يدورون في فلك واحد وعلى راسهم فؤاد السنيورة وتصلح تسميتهم الان "عصابة الأربعة"، وانه يمكن التعاطي مع السعي الفرنسي على انه قدر ، لكن يمكن تغيير مساره ، ويدرك الفرنسيون ذلك، وسوف يلعبون في الوقت الفاصل مع موعد الانتخابات الاميركية ويدركون في الوقت نفسه ان واشنطن يمكنها استيلاد عراقيل لخطواتهم ، حتى لو كانت امنية .

حتى الان يتضح ان الفرنسيين لا يريدون تجاوز الثالوث اللبناني في حساباتهم الارتكازية ، كما يدركون ، ان انشاء طبقة سياسية من فضلات الشوارع المشغلة اميركيا ليست قدرا للبنان بعدما فشلت اسرائيل والارهاب في تطويع القوى اللبنانية المدافعة حقيقة عن لبنان ، حتى لو تمت السيطرة على عقول كثير من البسطاء لفترة ،ولوثتها، كما ثلوث البذور الخبيثة ، البذور الحقيقة الطيبة وهذه سرعان ما تحاصر الاولى وتنهي خبثها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل