أقلام الثبات
بالرغم من أن سقف التصعيد في لبنان كان يعلو سقف الترميم، غير أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثانية لبلد الأرز، أسهمت في تفعيل حركة المشاورات التي سبقت الإستشارات النيابية الملزمة لتسيمة الرئيس المكلف "لحكومة إدارة الأزمة" المرتقبة على حد تعبير مصادر سياسية مطلعة على بعض هذه المشاورات، ورغم أن المعطيات في هذا الشأن كانت عرضةَ للتبديل بين الوقت والآخر، غير أن المكونات الأساسية للمجلس النيابي أعلنت مرشحها النهائي وهو السفير مصطفى أديب قبل موعد الإستشارات التي سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صباح اليوم الإثنين في قصر بعبدا لتسمية رئيس الوزراء العتيد .
ولاريب أن موافقة الكتل النيابية الأساسية مطلوب مقدماً كي يتسنى له النجاح، بالتالي ليتمكن من تشكيل حكومة تنال ثقة البرلمان لتبدأ بالمهات الأساسية التي تنتظرها، وفي مقدمها: مكافحة الفساد، والنهوض بالوضع الاقتصادي، وإعادة إعمار بيروت، بعد الكارثة التي حلت فيها، في الرابع من آب.
ويبدو أن الأمور متجهة على هذا النحو في حال لم تواجه أي عراقيل أو عوائق. وفي هذا السياق يبدو أن "الفيتو" السعودي على تسمية الرئيس سعد الحريري، ومشاركة تيار "المستقبل" في الحكومة العتيدة لم يحقق مبتغاه، أي محاولة تفشيل العهد، من خلال رفع الغطاء السني عن الحكومة المنتظرة، وذلك لتحقيق المزيد من الضغوط على لبنان وعهد العماد عون الحليف الإستراتيجي لحزب الله الذي أسهم بقوة في إسقاط المشروع التكفيري في المنطقة، بدءاً من لبنان (جرود سلسلة الجبال الشرقية)، إمتداداً الى سورية، وصولاً الى العراق، وما بعد بعد العراق. لذلك، إن رفع "الفيتو" السعودي عن مشاركة فريقها في لبنان في أي حكومة تضم مملثين لحزب الله، أو من يسميهم، هو إمعان في خسارة المملكة في المنطقة، أمام محور المقاومة، وفقاً للحسابات السعودية، بحسب ما يؤكد مرجع سياسي متابع لحركة الإتصالات الرامية الى "التكليف" ثم "التأليف". ولكن على ما يبدو أن هذا "الفيتو"، غير مؤثر في مسار التفاهمات الدولية، في شأن الوضع اللبناني. فهاهو قطار التكليف إنطلق، بمساع فرنسية، ورضىٍ أميركي، بحسب تأكيد مصادر سياسية، ليست بعيدة من أجواء رؤساء الحكومات السابقين، وتكشف المصادر أن اختيار اسم رئيس الحكومة المكلف تم في الخارج .
وجاء بموجب توليفة فرنسية وقبولٍ داخليٍ لبنانيٍ، تحديداً على المستوى الكتل النيابية الكبرى، ويبدو أن هذه التوليفة، لم تقف على رأي السعودية، خصوصاً بعدما حظيت هذا التوليفة بالقبول الأميركي، بحسب رأي مرجع قريب من فريق المقاومة، ويجزم أن الفرنسيين، لم يقدموا على هكذا خطوة في لبنان، من دون ضوء أخضر أميركي، فهل يؤشر هذا الإنفراج في الملف الحكومي اللبناني، إلى وجود بشائر تسوية في الأفق القريب بين محوري المقاومة والولايات المتحدة؟ تعقيباً على ذلك، يرى المرجع ألا تسوية تلوح في "الأفق"، ولكن ليست مستبعدة، بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وهذا الأمر المح الى اليه الرئيس والمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب، فقد قال: سأبرم اتفاقيات مع إيران وكوريا الشمالية على وجه السرعة إذا فزت في الانتخابات، أما في شأن الدخول الفرنسي على خط الأزمة اللبنانية، وعن إمكان نجاح المبادرة الفرنسية حيال الشأن الحكومي اللبناني، فيعتبر المرجع أن واشنطن لم تعترض على الدور الفرنسي المستجد في هذا الشأن ويقول: إذا تطورت العلاقات الأميركية- الإيرانية، نحو الأفضل على مستوى العلاقات الثنائية، وملفات المنطقة ككل، عندها يدخل الأميركي بالمباشر على خط المبادرة الفرنسية، وفي حال تعثر المفاوضات المذكورة، يبقى الفرنسي هو صاحب المبادرة الإنقاذية في الشأن الحكومي، ولكن برضىٍ أميركي ضمنيٍ في نهاية المطاف.
وعن شكل الحكومة المرتقبة وطبيعتها، يبدو أنها ستكون "حكومة تكنوسياسية"، بعد رفض الثناني الشيعي خصوصاً حزب الله، لطرح الحكومة المحايدة، وهذا الموقف أبلغه الحزب مباشرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأولى لبيروت، أما بالنسبة للتيار الوطني الحر فيؤكد مصدر نيابي في تكتل لبنان القوي أن ما يهم التيار والتكتل هو مدى إنتاجية الحكومة المرتقبة، ولايريدان العودة الى التجارب الماضية، أي نموذج يشبه "حكومة الحريري قبل 17 تشرين الأول الفائت. وألمح الى أن التكتل قد يطالب الحكومة، بتحديد مهل دقيقة، لتحقيق الاصلاحات المرجوة، خصوصاً في ملفات: مكافحة الفساد، والكهرباء، وبداية النهوض بالوضع الاقتصادي، وإعادة إعمار بيروت.