وقف إطلاق النار في ليبيا.. هل هو مرحلة جديدة لتقسيم "الكعكة"؟ ـ فادي عيد وهيب

الإثنين 24 آب , 2020 11:27 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

فجأة ومن دون أي مقدمات أعلنت حكومة الوفاق بغرب ليبيا بياناً يفيد بوقف إطلاق النار تمهيدا للذهاب نحو إنتخابات برلمانية ورئاسية حسب مخرجات مؤتمر برلين، بشرط نزع السلاح من سرت والجفرة (والأشارة هنا الى الجيش الوطني المسيطر على سرت والجفرة)، ولم تمر ثوانٍ على صدور البيان حتى رحبت كل الأطراف داخل ليبيا وخارجها بخطوة حكومة الوفاق.

البيان كان أشبه بفخ، لأنه لم يكن هناك إطلاق نار بين حكومة الوفاق والجيش من الأساس، كي يعلن السراج وهو يرتدي "أجنحة الملائكة" عن وقفه، كما أنه لا يوجد قوات مسلحة من الجيش في سرت والجفرة التي يطالب السراج بخروج الجيش منها، فسرت والجفرة لا يوجد فيهما سوى الشرطة المدنية فقط، كما إن بيان "حكومة الوفاق" لم يتطرق لمصير عشرات الآلاف من المرتزقة السوريين والتركمان المدعومين ماليا من قطر وعسكريا من تركيا وسياسيا من حكومة الوفاق ؟ هذا إن لم يكن قد تم منحهم الجنسية الليبية لتتريك مدن الغرب الليبي كحال مدن شمال سوريا.

ولذلك نقول لم يكن هناك رابح في المسألة الليبية إلا المانيا التى منحتها تركيا ورقة ليبيا، وتفوقت على حساب كل نظرائها الأوروبيين، إلى جانب الولايات المتحدة التي أنهت الأمر في ساعات معدودة والخاسر الأكبر روسيا. تلك هي النتيجة حتى الأن، وكل النتائج قابلة للتغيير في ظرف دقيقة، لأنه لا يوجد ثوابت، وكل بيانات الدول والزعماء التي جاءت مرحبة ببيان حكومة الوفاق ليست أكثر من تعليقات دبلوماسية.

بأي حال، من اليوم حتى مارس/ آذار المقبل سيسعى طرفا النزاع في ليبيا لتغيير الجغرافياً والديموغرافيا الليبية لتحسين موقفهما على طاولة المفاوضات، هذا إن لم ندخل في مرحلة التنصل من الإتفاقات والعهود كما فعل فايز السراج سابقا، وعلى غرار ما يحدث في اليمن بعد إتفاق الرياض حاليا، لذلك سرعت تركيا من تنامي نفوذها العسكري في غرب ليبيا عبر بناء قواعد في سواحل ليبيا وصحرائها بالأونة الأخيرة لفرض أمر واقع أمام كل خصومها، وهو الأمر الذي سيمثل نقطة إنطلاق لها في شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء لمناكفة فرنسا هناك بتكليف من الولايات المتحدة وبريطانيا.

واليوم الغازي التركي يسرح ويمرح في صحراء وسواحل غرب ليبيا بضوء أخضر أطلسي (الولايات المتحدة وبريطانيا)، بينما وضع الروس إتفاقاً معه تجاه سرت، قبل أن ترسم مصر على سرت والجفرة خطا أحمر مثل الحاجز الوحيد أمام الغازي التركي تجاه الهلال النفطي، بعد أن مارست تركيا عقاباً جماعياً على مواطني مدينة الخمس والزاوية الليبية، كما فعلت مع أهلنا بالحسكة السورية بعد أن قطع التركي المياه عن مليون مواطن سوري على مدار أسبوعين متتاليين، كردٍّ على قطع أكراد الحسكة للكهرباء عن منطقتي تل أبيض ورأس العين اللتين تقعان تحت سيطرة تركيا.

وربماجاء مارس / آذار المقبل موعد الإنتخابات المنتظرة دون حدوث مفاجأت، لأنه في الغالب قد يتم إستبدال أغلب الوجوه القديمة وفي مقدمتها فايز السراج وخليفة حفتر وربما عقيلة صالح أيضا، لأنهم مرفوضون من خصومهم وباتوا عبئا على داعميهم، وخصوصاً أن ما حدث بالساعات الأخيرة لا يخدم أبداً طموح خليفة حفتر.

أخيراً، هذه اللوحة ليست نهاية المشهد الليبي بل بداية مرحلة جديدة من تلك الحرب بعنوان "تقسيم الكعكة" دون إستخدام السلاح، وسيبقى الثابت الوحيد هو الخط الأحمر المصري على سرت والجفرة.

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل