المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية...بالنار والدبلوماسية ـ د. نسيب حطيط

الخميس 20 آب , 2020 10:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من الامور الاستثنائية في العلاقات الاميركية _الايرانية الساخنة والمتوترة منذ انتصار الثورة الاسلامية  انها وبعد  اربعين عاما اضحت حاجة لكلا الطرفين  ومطلبا وحلا لبعض مشاكلهما الداخلية والخارجية على المستويين المرحلي والإستراتيجي ولتحقيق اهداف متناقضة لكنها محكومة بالتزامن والمقايضة والدفع المتبادل والمتلازم  دون اعتماد منظومة الاستدانة والسداد السياسي والاقتصادي وكذلك الانتخابي المؤجل...!

بعد اربعين عاما من الحرب المستمرة المعلنة والسرية اقتصاديا واعلاميا وسياسيا وأمنيا وثقافيا ومذهبيا،كان من نتائجها حتى اللحظة خسارة اميركية مستمرة على المستوى السياسي وتصحر السيطرة بالتزامن مع افشال المشاريع الأميركية على مستوى المنطقة ،خصوصاً على مستوى تصفية القضية الفلسطينية (صفقة القرن) والعجز عن حماية الكيان الصهيوني، يقابله خسارة ايرانية اقتصادية ومالية استفادت ايران منها بتطوير صناعتها وزراعتها وبقية المحاور التي تشكل منظومة الاكتفاء الذاتي دون اهمال معاناة الشعب الايراني من تداعيات الحصار ومآسيه وعذاباته مع الاشارة الى صموده المستدام رغم الظروف الصعبة والقاسية .

توسعت ايران سياسيا وعسكريا وجغرافيا في العراق وسوريا واليمن وفلسطين ودول اخرى وتصحرت اميركا في هذه الدول وغيرها ،لصالح الوجود الروسي العسكري والسياسي والتوسع الصيني الإقتصادي مع بروز قوى اقليمية مثال تركيا وايران بانتظار ان يتقدم العراق لحجز دوره الإقليمي ،كما هو حال سوريا ولم تستطع اميركا القضاء على الثورة الاسلامية في ايران لا في الداخل الايراني ولا خارج الحدود ؟.

بعد اربعين عاما ومع وصول "ترامب" للرئاسة الاميركية تم تصعيد الموقف الاميركي الى الذروة بالحصار الإقتصادي غير المسبوق والانسحاب من الاتفاق النووي وصولا لتجاوز توازن الردع او عدم اللجوء للنار والعمل العسكري والأمني العالي ،لكن ترامب تجاوز هذه الخطوط لحرق المراحل قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية حيث اعتقد ان ضربة عسكرية وأمنية كبيرة، سيربح الجائزة الكبرى بقطع الرأس الايراني في المنطقة والداخل على ارض العراق، لقطع حبل الصرة بين ايران والعراق واغلاق النافذة والرئة العراقية التي تتنفس منها ايران ومحور المقاومة وبدأ ترامب مرحلة التفاوض بالنار، فاغتال الشهيد سليماني وندّه العراقي الشهيد ابومهدي المهندس وكان الردا الايراني محدودا عبر قصف قاعدة "عين الأسد"  كرد اعتبار معنوي وليس ردا عسكريا بمستوى جريمة اغتيال القائدين الشهيدين .

لم تنجح الضغوط الاميركية على ايران وتقدم محور المقاومة في العراق عبر الانتصار على "داعش" وفي سورية، حيث لم يسقط النظام وتعيش سورية مرحلة "الستاتيكو"العسكري مع تقدم سياسي للنظام، اما في لبنان فقد نجحت قوى المقاومة بالحفاظ على توازن الردع مع العدو الصهيوني والتقدم سياسيا عبر حكومة(حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة)حيث تم استبعاد قوى 14 اذار منها لأول مرة منذ العام 2005!

بدأت المفاوضات الاميركية-الإيرانية من نافذة "كورونا" والخوف على السجناء وكانت الخطوة الأولى كإختبار نوايا عبر تبادل السجناء بين اميركا وايران مع حصة للبنان ،ثم توسعت المفاوةضات عبر اطراف متعددة تتقدمها فرنسا بشخص الرئيس "ماكرون" تحت وطأة الحاجة الاميركية للرئيس ترامب لتحقيق نصر خارجي يوظّفه انتخابيا، وحاجة ايران لتامين راحة اقتصادية لها وللمحور الذي تتزعمه نتيجة تاثيرات وباء "كورونا" الذي اثر على الاقتصاد العالمي وزاد من صعوبات ايران وحلفائها وصارت المفاوضات حاجة ملحة لكن من دون تهوّر وتنازلات كبرى.

المفاوضات الاميركية- الإيرانية لا زالت في مرحلة اختبار للنوايا والبث التجريبي ويبدو ان بدايتها ستكون من لبنان بوساطة فرنسية وجزء منها بوساطة عراقية وبعضها بوساطة المانية وتشمل كل الملفات الايرانية والعراقية واليمنية والسورية واللبنانية، مع تجميد للتصعيد والمواجهة السياسية بخصوص القضية الفلسطينية .لكن ترامب لايزال يعتمد المفاوضات تحت النار عبر التفجيرات في الداخل الايراني، خصوصا مع ردود ايرانية غير متكافئة وغير معلنة ويبدو ان من البنود ايضا الانسحاب الايراني العسكري العلني والواسع من سوريا واعطاء دور اكبر للحكومة العراقية في المنطقة للعب دور اقليمي يتناسب مع قوة العراق وموقعه الجيو-سياسي ونوافذه المفتوحة على السعوية وتركيا والخليج مع كل الطعنات التي تلقاها من هؤلاء ولا يزال!

هل تنجح المفاوضات وتستمر بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية ...ام سينقلب عليها "ترامب" اذا فاز في الانتخابات او يتنصل منها الرئيس الجديد..يبدو ان الطرفين يريدان التقاط الانفاس خلال هذه الاشهر مع بعض الضغوط الساخنة . .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل