أقلام الثبات
بعيداً من الأضواء، ولحسن سير المشاورات، ومن أجل الوصول الى الخاتمة المرتجاة، يدور البحث جدياً في عملية تشكيل الحكومة المرتقبة بين مختلف الأفرقاء المعنيين، والأجواء ليست "بسوداوية"، وفي الوقت عينه، حتى الآن، لا يجوز الإفراط في التفاؤل، على حد تعبير مرجع قريب من الثلاثي: "التيار الوطني الحر – حزب الله – حركة أمل". ويلفت الى أن هذا الثلاثي ملتزم الصمت في مرحلة المشاورات، ما قبل عملية ولادة الحكومة، علّها تبصر النور بنجاح، للحد من الإنهيار الراهن، والبدء في ورشة النهوض، والمضي قدماً في تحقيق الإصلاحات المرجوة، والأهم من ذلك كله، تأمين الحاضنة الشعبية للحكومة العتيدة، لتعزيز فرص نجاحها، ودائماً بحسب المرجع. ويجزم أن الثلاثي المذكور يعمل كفريق واحدٍ، على خط تأليف الحكومة، ولن يتخذ إلا قراراً موحداً في هذا الشأن، سواءً لجهة تسمية رئيسها المكلف، كذلك لجهة شكل الحكومة وطبيعتها وبرنامجها .
وتأكيداً على ما ورد آنفاً، يلفت المرجع الى أن الاجتماع الذي عقد في الأيام القليلة الفائتة في مقر الرئاسة الثانية في عين التنية، في حضور الرئيس نبيه بري، بين ممثلي الثلاثي المذكور، النائبين جبران باسيل وعلي حسن خليل ومعاون الأمين العام لحزب الله حسين الخليل، يحمل في طياته رسالةً تأكيدٍ على وحدة الموقف والقرار لدى هذا الثلاثي ، بالتالي لن يقبل بأن يعامل، إلا كفريق واحد. ورغم إنطلاق المشاورات الأيلة الى "التأليف"، غير أن نتائجها، لم تتظهر بعد، خصوصاً في شأن تسمية خلفٍ للرئيس حسان دياب. ولكن بات من المحسوم، رفض هذا الفريق، لأي طرحٍ "لحكومة محايدة". وعن إمكان عودة الرئيس سعد الحريري الى السرايا الكبيرة، يقول المرجع: " قد لا يمانع الثلاثي المذكور عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، وإذا كان رئيس تيار المستقبل راغباً في تشكيل الحكومة الجديدة، ليس بوسعه أن يفرض شروطاً على الأول، لا بل أنه هو من يفرض الشروط، وليس العكس". ويضيف: " في هذا الظرف الراهن، الحريري ليس بقيمة مضافة على أي حكومة مرتقبة، خصوصاً بعد التخلي السعودي عنه، كذلك عدم رضى الفرنسيين عن أدائه، بالإضافة الى الإنقسامات في بيته الداخلي، خصوصاً بعد ظهور شقيقه بهاء، كحالةٍ مستقلةٍ عن التيار الأزرق". ويختم المرجع بالقول: " إن عنصر القوة الوحيد لدى الحريري، هو أنه لايزال رئيس أكبر كتلة نيابية سنية في المجلس النيابي، بالتالي لا يمكن تجاوزه في الوقت الراهن، إذا كان هناك ثمة إجماع داخلي وخارجي، على تشكيل حكومة وحدةٍ وطنية".
أضف الى ذلك، ان الظروف التي لحقت "17 تشرين الأول 2019"، لم تعد موجودة الآن، لجهة خروج المحتجين من الشارع. فالاحتجاجات محصورة اليوم، ببعض القوى الخائفة على مصيرها، في أي تسوية مرتقبة، بين محوري المقاومة والولايات المتحدة، ترمي الى فك الحصار عن لبنان، وولوج مرحلة سياسية وإقتصادية وإنمائية جديدة، لذلك تحاول هذه القوى، إستخدام "لعبة الشارع"، علّها بذلك تعزز فرص حضورها، في المرحلة المقبلة.
وفي سياق متصلٍ، وعن الإستغلال الخارجي لكارثة الرابع من آب، لفرض إملاءات معيّنه على لبنان، ومحاولة تجهيل الجهة المرتكبة، تؤكد مصادر سياسية سورية، أن روسيا لن تسكت أبداً، عن وقوع إنفجار بهذه الضخامة، في منطقة تماس بحري مع قواتها في الشطر الثاني من الحدود، ولن تترك الساحة اللبنانية، ملعباً للأميركيين وحلفائهم، خصوصاً في شأن التحقيق في الكارثة، بالإضافة الى عدم سماح موسكو لواشنطن باستغلال هذه الكارثة، لمنع لبنان من الانفتاح على الشرق، كذلك محاولة وضعه تحت الوصاية الغربية.