الإستشارات النيابية..حكومة يحكمها الشارع  ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 12 آب , 2020 08:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما تمّ تكليف الدكتور حسان دياب في كانون الأول من العام 2019، قامت قيامة بعض "الثوار" اعتراضاً على الإسم، وعَلَت أصوات تُطالب بتسمية نواف سلام، علماً بأن دياب لم يكُن "غارقاً" في منظومة العمل السياسي أكثر من السفير سلام، بما يعني أن تسمية أحد من إثنين الآن بعد استقالة حكومة حسان دياب: نواف سلام أو محمد بعاصيري، سوف تدفع الشارع الى رفض مَن تسميه الإستشارات النيابية بمعزلٍ عن شخصه، لأن المجلس النيابي ساقط الشرعية بنظر هذا الشارع، وكل ما يصدُر عنه خلال الإستشارات المُلزمة مرفوض، حتى ولو كان الرئيس المكلَّف بنظافة وآدمية حسان دياب.
الشارع بعد إنفجار بيروت باتت جماهيره تُناطح طواحين الهواء، وقبل أن يبدأ الرئيس ميشال عون بمشاورات ما قبل الإستشارات ترددت أنباء متضاربة، أن سعد الحريري لديه شروط للقبول بتكليفه تشكيل الحكومة، لكن الشارع لن تكون ردَّة فعله أرحم من انفجار بيروت إذا تمّ التداول بإسم الحريري أو سواه من نادي رؤساء الحكومات السابقين، الذين أحرقوا دياب وباتوا يحاضرون على اللبنانيين بالعفَّة وأجرأهم فؤد السنيورة.
والظروف التي رافقت تكليف الدكتور دياب في أواخر العام 2019، بعد شهرين من إنطلاقة الحراك، تبدَّلت نهائياً، لأن التجارب أضنت اللبنانيين مع رؤساء حكومات سابقين بات حسان دياب الآن واحداً منهم، ولو مع فارقٍ كبير، أن الرجل آدمي وقد حاول التغيير لكنه انتهي بالإعتراف أن "الفساد أكبر من الدولة، وأن اللي استحوا ماتوا".
والرئيس عون وقته ضيق لتحقيق إنجازات في عهده، (سنتان وأربعة أشهر)، والرجل في الأصل ممنوعٌ عن الحكم منذ اليوم الأول لولايته، والضراوة التي حُورِب بها من أميركا غير مسبوقة، وحتى الجانب الأوروبي اتخذ الحياد جانباً من الكارثة المالية والإقتصادية، لعجز الدولة اللبنانية عن تحقيق شروط سيدر، الى أن جاءت المساعدة من المؤتمر الإفتراضي للمانحين بدعوة من الرئيس الفرنسي، لتشترط توزيع الإعانات على المتضررين من إنفجار بيروت مباشرة الى الشعب، ما يعكس الثقة المفقودة بأية حكومة أو سلطة لبنانية، وهي وصمة عار على الدولة، ورِثها عهد ميشال عون عن أداء الحريرية السياسية وحلفائها على مدى ثلاثة عقود، هذه الحريرية التي استنفرت قواها لتدخل في مبارزة مع حسان دياب وتمنعه من العمل حتى أسقطته، وسقطت أحلام الأوادم في لبنان أمام جبروت الفساد.
من حق اللبنانيين التساؤل عن الحلّ مع منظومة الفساد هذه، خصوصاً أنها تشتري حتى صبيان التظاهرات لمناكفة العهد، لكن العهد لا يجوز أيضاً أن يستمر في سياسة الأمن بالتراضي، وأن يترك كل زمرة من عشرة أشخاص تعتدي على الأملاك العامة والخاصة وعلى الأفراد تحت ذريعة أنها مجموعة "ثوار"، لأن الأمن المجتمعي فالت على غاربه، ولم يعُد حتى الجيش اللبناني بمأمن عن تعديات أبناء الشوارع، ولا فائدة من أية محاولات إنقاذ إقتصادي من الداخل أو الخارج ما دام الشارع هو الحاكِم وهو الحَكَم وهو الذي يستمر في التحكُّم بمفاصل الحياة للبنانيين، وهو الذي ستكون له كلمته الفاصلة في التكليف والتأليف لأية حكومة، ونعترف بكل أسى وأسف أن غالبية هذا "الجمهور الثوري" تُحرِّكه قوى الفساد التي لا تريد لميشال عون كحليف لحزب الله أن يحكُم، وعلى هذا الأساس سوف يواجه ميشال عون خصومه خلال ما تبقى من عهده..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل