أقلام الثبات
يعيش الكيان الصهيوني حالات قلق وارباك هي الاصعب منذ انشائه على ارض فلسطسن , وهي مؤشرات تدل على كهولة على كل المستويات , رغم الحقن الاميركية لمنع الانهيار والتفتت ,او محاولة عرقلة حتمية التاريخ التي لا مفر منها .واذا احصينا اهم الملفات ,من الفشل في تنفيذ احتلال اراض فلسطسنية جديدة تحت عنوان الضم وفق مخطط صفقة القرن , الفساد الذي يضرب الكيان ولا سيما ما يطال منها بنيامين نتنياهو وبطانته وعائلته , في موجة التظاهرات المتعاظمة المطالبة باسقاطه ومحاكمته , لا بل باعدامه ,وهو ما دفع الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، تعقيبا على الاعتداءات على المتظاهرين، وبعد أن تعرض أحدهم للطعن في النقب، للمجاهرة أن "قتل متظاهر أو رئيس حكومة، ليس سيناريو خياليا".وكذلك الفشل الذريع في مواجهة وباء كورونا , فضلا عن المشكلة الاكبر الانقسام بين المكونات السياسية للكيان , وترهل حكومة الائتلاف رغم حداثتها , والضياع بين المحافظة عليها او الذهاب الى انتخابات مبكرة , ما يزيد في ضعضعة الجبهة الداخلية , وهو ما عكسه نتنياهو غداة مظاهرة حاشدة ضده أمام مقر إقامته في شارع بلفور بالقدس، قُدرت أعداد المشاركين فيها بأكثر من عشرة آلاف، تطالب برحيله على خلفية اتهامه بالفساد ، والفشل في التعامل مع أزمة كورونا الراهنة وتداعياتها الاقتصادية.وهاجم نتنياهو وسائل الإعلام واعتبر أنها "تحرض على العنف"، ودان ما أعتبره "الجانب الأحادي" الذي تعرضه وسائل الإعلام، وقال إنها "لا تعمل على تغطية المظاهرات، بل تشارك فيها".
واحدة من اهم عوامل القلق والاستنفار ما تعيشه المؤسسة العسكرية والامنية ,الضائعة في مسار رد المقاومة على استشهاد احد كوادرها في العدوان الاخير قرب مطار دمشق , ومن بعد, اصابة منزل في بلدة الهبارية اللبنانية بقذيفة اسرائيلية خلال عملية الرعب الاسرائيلي من رد المقاومة , هذه العملية بات يعرف القاصي والداني , انها ناجمة عن تخيلات ميدانية للمجندات على شاشات المراقبة , بانهن شاهدان حركة , فكان القصف , والبيانات العسكرية , والترويج الاعلامي السخيف , ليأتي الجزم بان لا علاقة للمقاومة فيما جرى , ولتبدأ عملية التراجع عن بيانات الخوف والقلق من الميدان , والعودة لزوم الجبهة الداخلية الى اطلاق التصريحات العنترية التي يعكس مضمونها اننا اخطأنا ولا نريد الحرب او حتى مجرد اشتباك , لكن على الاقل امنحونا ما يطمئن .رغم انم المسعى الاسرائيلي كانت قاعدته المركزية تغيير قواعد الاشتباك ,لتصبح له اليد العليا ,بما فيها السكوت , او تمرير اي اعتداء دون رد فعل , بالاضافة الى تغيير جوهري في عمل القوات الدولية , لتصبح عيونا اسرائيلية في الجنوب .
بالطبع لا يمكن ان ان تعطي المقاومة اي بارقة للعدو لأن يطمئن بأن جنوده وقيادته لن يكونوا هدفا للنيران بتوقيت المقاومة , ما زاد القلق والارباك في الاركان الاسرائيلية بشقيها العسكري والامني , وكذلك على المستوى السياسي , المربك كثيرا من الانقسام الداخلي .لذلك انبرى وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس وهو نائب رئيس الحكومة للقول ,انه "إذا فكر نصر الله في الخروج عن الخطوط الحمراء فسوف يتلقى ردا مؤلما سيذكره بالجهوزية العالية لدولة إسرائيل وسيعرض دولة لبنان للخطر".وشدد غانتس على أن نصر الله سيتحمل المسؤولية عن أي خطوة ستأتي من جانبه بحق إسرائيل.
هذا الكلام الذي في ظواهره تهديد، كزبد الموج ,ويعني في جوهره ان الكيان الاسرائيلي ملتزم بقواعد الاشتباك التي ارستها المقاومة بان لا اعتداء بلا رد , وان القيادة الاسرائيلية تدرك ذلك سواء بررت , او ارسلت رسائل تهدئة او وسطت الامم المتحدة , واي كان في العالم , وان الرطل الاسرائيلي يقابله رطلان من المقاومة , ليس فقط على الجبهة اللبنانية وانما على الجبهات الاخرى , وغزة ضمنا, بحيث لم يعد مسموحا لاسرائيل الهروب من ازماتها الداخلية,بارتكابها المجازر , او اصابة مخلوق , او الحاق اذى بالممتلكات , دون ان تدفع الثمن مضاعفا, ولو بقي صمت القبور مخيما على الانظمة العربية المتهالكة , والساعية لود تل ابيب وواشنطن , رغم الاذلال الذي ذاقتها هذه الانظمة على ايديهما .
هذا الامر تأكد من غزة التي حاولت القيادة الاسرائيلية ان تفرض هيبتها بعد ساعات من إتمام مراسم استبدال قائد “فرقة غزة”، في جيش الاحتلال، وتولي الجنرال نمرود ألوني لقيادة الفرقة، التي تختص بتنفيذ الهجمات ضد القطاع,عبر عدوان جوي بذريعة التصدي لصاروخ فشلت القبة الحديدية في اصابته وسقط في مستوطنة سديروت ,واكد الناطق باسم حركة حماس أن “المقاومة الباسلة التي تعي جيدا طبيعة ما يخطط ويفكر به الاحتلال وآليات التعامل معه، لن تسمح له بأن تكون غزة مسرحا لتصدير هذه الأزمات”.و أن سياسة المقاومة في التعامل مع العدو “ستبقى منسجمة تماما مع امتداد الحالة النضالية والجهادية لشعبنا”.
من الواضح ان المأزق الاسرائيلي يتعمق ولذلك يهرب من الازمات الداخلية التي تتراكم حتى باتت داخل القيادة العسكرية مثار سخرية بين الجيوش في تبريراتها ,في البيانات العسكرية مثل "تمكنا من التشويش على خطة المجموعة التي زعم البيان الاول ان القوات الاسرائيلية تمكنت من قتل افرادها ثم تحييدهم ومن ثم في النهاية التشويش على خطتهم ,
لم يستخدم جيش في العالم مصطلح "التشويش",ولا يمكن ان يستخدمه احد حتى في اقسى ظروف الانهزام , ولذلك فان استخدام مثل هكذا مصطلح ممسوخ هو اقرار بفشل ذريع , يشبه رش السكر على الموت والاقرار الضمني بان المبادرة في يد المقاومة التي تواصل استنزاف العدو على جبهات عدة , ومن بينها استنزافه في الجبهة الداخلية من خلال اظهار قياداته انهم خارج مفاهيم الصراع , واعتماد الاضاليل لشد "حيل " المستوطنين الذين فقدوا الثقة بكل المستويات القيادية .
ان حالة الاستنفار المستنزف للكيان وتكوينه على جبهات عدة ,مع الفشل في ادارة الملفات على اختلافها , يمكن ان تسرع في النهاية المنتظرة والمطلوبة ل"دولة الاحتلال",التي لم يعد لها من عكازات سوى الولايات المتحدة ودول خليجية -اخرى عربية غير خليجية , سيما مع فشل كل السيناريوهات المدبجة لاستمرار الاحتلال .