"اميركو فسبوتشي" .. أفَاقٌ أعطى اسمه للقارة الجديدة
أقلام الثبات
تبدو العنصرية والتمييز العنصري في اميركا ،حتى في التسمية ، وفي طريقة التحاصص وتقسيم القارة الجديدة ،فقد اكتسبت القارة الجديدة اسمها من ملاح ايطالي افَّاق اسمه اميريكو فسبوتشي،يحتمل ان يكون قد ساعد في الإعداد لحملة كولومبس الثانية والثالثة ولم يخف حينها غيرته من كولومبس ورغبته في أن يصبح مستكشفاً مثله، وفي عام 1499واتته الفرصة للعب دور المستكشف حين شارك في بعثة جديدة بقيادة الادميرال الاسباني الونسو اوجيدا غير أن أمريكو، وكان مديراً للتموين اختلف مع اوجيدا فاتجه إلى الجنوب في حين اتجه اوجيدا إلى الشمال وخلال هذه الرحلة استكشف امريكو نهر الأمازون وقسماً كبيراً من سواحل أمريكا الجنوبية قبل أن يعود إلى هاييتي حيث اتفق مع اوجيدا على اللقاء...
وبعد أن عاد إلى اسبانيا رغب اميركو في متابعة استكشاف الأمريكيتين، لكن الملكة ايزابيلا لم توافق على تمويل تلك الرحلة ،وفي عام 1501خاطب ملك البرتغال الذي وافق بشرط تملك البرتغال للأراضي المستكشفة. وفي هذه المرة تعمق امريكو إلى الجنوب أكثر وتوغل في نهر بلات وادعى ملكية البرتغال للبرازيل (حيث ماتزال الدولة الوحيدة في اميركا التي تتحدث البرتغالية) وبعد عام كامل عاد امريكو الى لشبونه من دون ترحيب يذكر مما أثر على نفسيته كثيراً ويعتقد أنه قام برحلة ثالثة عام 1503رسم خلالها الحدود الساحلية للقارتين الامريكيتين.. ولعل أبرز إنجازات امريكو إعلانه أن الأراضي الجديدة، المكتشفة هي قارة جديدة وليست الجزء الشرقي من آسيا كما كان يعتقد الجميع ومات كولومبس على هذا الاعتقاد.
بشكل عام ، أمريكو فيسبوتشي كان مخادعا سرق الأضواء من الادميرال الإسباني "الونسو أوجيدا"، قائد الرحلة الحقيقي. يُنسب إليه اكتشاف أمريكا الجنوبية، وفي حقيقة الأمر لم يكن اكتشافا، بقدر ما كان غزواً واحتلالا لأراض الغير، ابيد خلاله الملايين من "الهنود الحمر"، سكان البلاد الأصليين، الذين بهذا "الاكتشاف" طُويت صفحتهم للأبد؛ حيث كانت رحلات هؤلاء "المستكشفين الدمويين والعنصريين " مقدمة لغزوة أوروبية همجية ابادت في حملات التطهير العرقي خلال مرحلة قصيرة ملايين البشر، فضلا عن جلب ملايين الأفارقة واسترقاقهم، والتسبب بمقتل نصفهم في المحيط .
لم يقتصر الامر ، عند المتوحش الابيض على جرائمه في القارة الاميركية،فثمة مستكشف آخر هو الهولندي "جان فان ريبيك"؛ أول أبيض وطأت قدماه أراض جنوب إفريقيا، ليؤسس من بعدها أسوأ نظام فصل عنصري عرفه التاريخ.
كان "ريبيك" يعمل في "شركة الهند الشرقية الهولندية"، وعلى أثر قضية فساد طالته، رُحِّل إلى هولندا، وفي طريق العودة ،رسا الأسطول الهولندي عند رأس الرجاء الصالح. فاقتنع بأن هذا البلد يجب ان يكون مستعمرة هولندية، فأقنع شركته بأفكاره؛ فأقام في "الكيب تاون ، فكان وصول "فان ريبيك" إلى "الكاب" في السابع من نيسان سنة 1652، وهو اليوم الذي ظلَّ السكان البيض - أثناء فترة الحكم العنصري - يحتفلون به كلحظة تاريخية مؤسِّسة في تاريخ البلد، فيما كان السود يلعنون هذا اليوم، ويعتبرونه يوم بِدْء استعمارهم وخسارتهم بلادهم وحريتهم لأكثر من ثلاثة قرون ، الى ان تمكن اهل جنوب افريقيا من هزيمة النظام العنصري الابيض، وكان اول رئيس اسود لتلك البلاد المناضل الكبير نلسون مانديلا .
وفي سلوك الاستعباد البشري، كان الغزو الأبيض الأميركي لسواحل القارة السوداء واصطياد البشر، واسترقاقهم ليكونوا عبيداً عند الغزاة الذي نهبوا واستعمروا القارة الجديدة.
وهذا ما سيكون لنا عودة إليه.
(يتبع)