لبنان والاستعداد للفتن الأميركية ـ يونس عودة

الثلاثاء 30 حزيران , 2020 01:07 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم يكن اعلان السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا, الفتنوي المحرض على المقاومة التي تواجه الكيان الصهيوني منفصلا عن الاعداد الاميركي لاشعال فتنة في لبنان ,بات القاصي والداني يعرف ادواتها ,من خلال مؤشرات عدة , فضلا عن انها ,اي السفيرة تواصل المسار الذي اختطته منذ وصولها الى لبنان , المتمثل بتقمص دور المتصرف الذي يصدر تعليمات , وعلى اللبنانيين - المسؤولين ان ينفذوا بلا جدال , او حتى مجرد ابداء رأي على الاقل , اي بمعنى اخر ان المسألة تجاوزت التدخل السافر في الشؤون الداخلية , وكذلك ممارسة دور الوصي على القاصرين, الى كرسي الاستذة والتسييد.

ليس قيام القاضي محمد مازح باصدار قراره بحق السفيرة السفيهة الا من ضمن قناعته بواجبه الوطني والمهني وبناء على اخبار قدمته مواطنة لبنانية , رغم يقينه من التركيبة السياسية الغربية في لبنان , حيث مقولة السيادة الوطنية استنسابية , ويريدها البعض كالفاخوري الذي يضع اذن الجرة كما يستنسب .

لو كانت سفيرة واشنطن ,كما تدعي بانها تريد دولة القانون في لبنان , وكذلك جوقة المرتزقة وناحري الوطن ,من ساسة واعلام لما كانت ردة الفعل على هذا المستوى من التحدي المسعور , وانما كان هؤلاء تعاملوا مع القضية المسمومة وفق القوانين المرعية , ووفق اتفاقية فيينا التي تنظم عمل الدبلوماسيين في اي بلد, وامام القضاء,وليذهب الاعلام بالشق المتعلق به الى محكمة المطبوعات .

لم تخف واشنطن يوما اعلان عدائها لكل من يواجه الاحتلال الاسرائيلي , لا بل انها تصنف كل من يناوئ هيمنتها بأنه ارهابي , او على الاقل انه معاد للديمقراطية والحرية , ويجب اقتلاعه والتخلص منه .بينما الصراع سجال , وكر وفر, ولكل محطة في الصراع ظروفها .

من يتابع الاداء الاميركي في الاونة الاخيرة , ولاسيما منذ الحراك الشعبي في 17 تشرين الاول الماضي , تحت عناوين الفساد وتاليا الوضع الاقتصادي والمالي , يدرك الاهداف الكبرى لواشنطن , في ضؤ اختطاف التحرك النظيف ,والسير به الى مسار اخر عنوانه تسليم سلاح المقاومة الذي اوجد توازان قوة وردع,بعد اختلال موازين القوى في المنطقة لصالح محور المقاومة أكان في سوريا , او لبنان , او العراق , وصولا الى اليمن .

نعم, ان اكثر ما اغاظ الاميركيين مؤخرا أولاً: هو نصيحة السيد حسن نصرالله, في ضوء الفشل المريع للنمط الاقتصادي , والمالي التبعي في لبنان الى البحث عن بدائل اثبتث نجاعتها في حل الازمات .مع العلم ان المبعوث الاميركي ديفيد شنكر اعنها صراحة ان الدعوة للتوجه شرقا "صادمة",

2- الاستغناء عن تعيين نائب حاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري , الذي لم يتوان عن تقديم الخدمات للاميركيين,والمؤكد اكثر مما يطلبون,مع الوشاية على حزب الله والحسابات المصرفية , وهو لم ينف يوما كل التهم الموجهة اليه.كما اغتاظ الاميركيون من التوجه للاستغناء عن الحاكم رياض سلامة ,واضع الهندسة المالية التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه الآن , وفي هذا المجال زادت الولايات المتحدة من منسوب ضغوطها لابقاء الحاكم , وقد نجحت بسبب التلكؤ الرسمي , والخوف من العقاب الاميركي , الموجود اصلا عبر التحكم بالدولار ,والعمل على افلاس لبنان لاخضاعه بالفقر والتجويع بوهم تركيع المقاومة , ليطرح موضوع تسليم السلاح مقابل لقمة الخبز.

3- انكشاف التدخلات الخارجية , ولا سيما الاميركية والسعودية والاماراتية اضافة الى التركية في محاولات هز الاستقرار الداخلي , وبكل الاحوال اعلن وزير الداخلية بناء على التحقيقات والمعلومات والرصد ، ان جهات خارجية تمول التحركات الفتنوية في الشارع , وان موقوفين اعترفوا بالامر .

لقد ايقن الاميركيون ان خططهم الممولة خليجيا , للانتقام من لبنان ,ترنحت , ولهذا عملوا على افشال اللقاء الوطني في بعبدا , عبر الايعاز للدمى السياسية بعدم الحضور, لمنع التوصل الى اجماع على خطة يمكن ان تخلص لبنان من ازماته, وقد جاءت تبريرات اولئك , كعذر اقبح من ذنب , ,," لا يمكن ان نحضر اللقاء دون معرفة نتائجه مسبقا", وعليه يطرح السؤال , ما معنى اي لقاء او حوار اذا كان معروف النتائج؟

لقد لجأت الولايات المتحدة وادواتها المحلية الى حملة تضليل وتشويه واسعة النطاق ,عبر تحميل حزب الله مسؤولية الازمة الاقتصادية - المالية بحجج واهية , اين منها محاولة تشويه صورة الامين العام السيد حسن نصرالله بعد انتصار المقاومة ودحر الاحتلال عام الفين , وحرب تموز 2006 والتي اعترف السفير الاميركي انذاك جيفري فيلتمان امام الكونغرس بتخصيص 500 مليون دولار لتشويه صورة السيد الذي بات رمزا وطنيا وقوميا وعالميا لكل من يواجه الاحتلال وحماته وادواته على مساحة الكرة الارضية , وقد صرفت تلك الاموال اضافة الى الميزانيات الضخمة على الاعلام والاعلاميين والساسة الزاحفين , والان بات الجميع يعلم ان مخصصات ضخمة رصدت بهدف تطويع اللبنانيين عبر التجويع والتفقير علهم ينقلبون على من رفع كرامتهم واعاد ارضهم وهزم عدوهم .ولذلك ووفق ما تناقلته الوكالات الدولية من معلومات وتصاريح فان الضغط على حزب الله سوف يرتفع اكثر, ولا تنفصل اللقاءات الاميركية - السعودية والمواقف الاماراتية عن هذا السياق، وان اللقاء بين المسؤول عن الملف الايراني في الادارة الاميركية بريان هوك مع الوزير السعودي الحاقد عادل الجبير والاعلان عن العمل ضد فصائل المقاومة ولا سيما حزب الله الا اشارة على النية والقرار بتحريك اعمال امنية تواكبها حملات سياسية واعلامية سيدفع لبنان وشعبه ثمنها .وان المقابلة المبرجمة للسفير الاميركية تندرج في هذا الاطار الاستفزازي, تمهيد للعب بالاوراق الاقتصادية والمالية, لا بل ان دبلوماسيا اوروبيا في لبنان قال في لقاء امام زملائه ان الاميركيين سيقلبون الطاولة بعدما فشلوا في تأليب الحكم والحكومة والشرائح الشعبية على حزب الله , ولم يعد بيدهم الا ورقة الفتنة , وهم بدأو بتحريكها , حتى لو كان في ذلك دمار للبنان.

من الواضح ان اختيار السفيرة ,قناة سعودية معروفة بالانحراف الاعلامي واعتماد الخط التحريضي على الفتن, اختيار متعمد ,فهي القناة المعتمدة لدى اجهزة الاستخبارات والقوى المناوئة لاستقرار لبنان واي بلد عربي لا يتماهى مع التوجهات السعودية ولا يخضع للسياسة الاميركية,لتمرير الرسائل والتأكيد على التمادي لاشعال الفتن المذهبية والسياسية مع محاباة منقطعة النظير لاسرائيل بكل مكوناتها .الا ان قاضيا نبيلا لم يمرر الوصاية وصار عنوانا وطنيا, ما يعني ان الطريق ليست سهلة امام الاميركيين , وقد اقام بعمله توازنا يحتذى ورفع البطاقة الحمراء بغض النظر عن كيفية انتهاء الحادثة والتحدي.

في الحقيقة , والواقع ان تعمد سفيرة دولة الشر الاكبر في العالم افتعال حديث تلفزيوني منظم , بعد فشل كل محاولات الضغط على تدجين لبنان حكومة وشعبا وتأليبهما على المقاومة وانصارها عبر الضغوط الاقتصادية والتحكم بحركة الشارع من خلال تغيير الشعارات المطلبية الى شعارات سياسية في اطار الخطة المتنامية وفق البرمجة الموضوعة , لتطلب في الختام التوجه الى حوار حضاري , غير موجود اصلا في الادبيات الاميركية ولا في دبلوماسيتها , يعني ان لبنان امام افق اسود , باتت ادواته جاهزة بانتظار صافرة اطلاق الفتنة من قمقمها, حيث ماتت شعارات السيادة والاستقلال , ورفض التدخلات الخارجية على ابواب السفارة الاميركية.وان غدا لناظره قريب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل