سيناريوهات الحرب ... الاحتمالات و النتائج ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 22 حزيران , 2020 11:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان، تسري أخبار يومية في وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل تتحدث عن خيارات سيئة وسيناريوهات كارثية، منها الحروب (حرب داخلية، حرب اسرائيلية) ومنها ما هو أسوأ (حرب شاملة في المنطقة).

وفي تحليل لكل سيناريو من السيناريوهات، يمكننا التعليق بما يلي:

- الحرب الداخلية:

سرت في الأسابيع الماضية، الكثير من التهويلات والأحاديث وانتشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تستعير مفردات الحرب الأهلية، وتحرّض اللبنانيين على بعضهم البعض، دفعًا لحرب أهلية!.

والحقيقة أن جزءًا من أسباب هذه الحملة، قد يكون كلام السيد حسن نصرالله في مقابلته مع الاعلامية بثينة علّيق حين لمّح بأن "فوبيا" حزب الله هي الحرب الأهلية، وبأن الحزب مستعد للتراجع في معركة مكافحة الفساد وغيرها إذا ما كان الثمن هو الحرب الداخلية.

ويمكن أن يكون هذا الأمر شكّل عاملاً مشجعًا للبعض في الداخل والخارج للتهويل بالحرب الأهلية طمعًا بمكاسب أو تنازلات من هنا وهناك.

لهذا السبب، استدرك السيد نصرالله الأمر في خطابه الأخير، معتبرًا أن الثنائي الشيعي مستعد للنزول الى الشارع في حال كان هناك تهديد بفتنة أو تعكير للسلم الأهلي. وقد يكون هذا الحديث معطوف على حديث له في بداية انتفاضة 17 تشرين، حين أعتبر أن القرار بالنزول الى الشارع ليس سهلاً، وأنهم حين ينزلون لن يخرجوا من الشارع إلا وقد حققوا الأهداف التي نزلوا من أجلها.

وعليه، وبعد هذا الكلام الذي يتضمن تهديدًا وتوضيحًا في آن، سنشهد تراجعًا كبيرًا في الحديث عن الحرب الأهلية، وسيتراجع مؤشر التحريض المذهبي والطائفي الذي يعيد اللبنانيين الى ذكريات الحرب الأهلية التي لم تكن لتحصل بالأساس.

- الحرب الاسرائيلية على لبنان التي يتحدث البعض أنها محتملة وقريبة، علمًا ان الاسرائيليين محرجين في التعامل مع ضمّ الضفة الغربية التي تدفع إليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحيث هاجمت الصحف الاسرائيلية السفير الأميركي في "اسرائيل" الذي يضغط لحصول الضمّ رغمًا عن إرادة معظم الاسرائيليين (30 بالمئة فقط يؤيدون الضم) معتبرة أنه يريد أن ينصّب نفسه رئيس وزراء ثالث (إضافة الى نتنياهو وبيني غانتس).

بالأساس، تعاني اسرائيل من صعوبات داخلية من جرّاء جائحة كورونا، ومن الخلافات السياسية التي فرضت إعادة الانتخابات لأكثر من مرة. بالإضافة الى أن دروس وعبر حرب تموز (تقرير فينوغراد) بالاضافة الى إمتلاك حزب الله لصواريخ دقيقة، واكتسابه خبرة عملية في حروب المدن والحروب الهجينة من جرّاء انخراطه في الحرب السورية... كلها تجعل من المغامرة الاسرائيلية بالحرب على لبنان غير مضمونة النتائج، وبالتالي أقرب الى الجنون والتهور.

- ويبقى سيناريو الحرب الشاملة في المنطقة والتي يعتقد البعض أنها باتت حاجة لمحور المقاومة بعدما وصلت الضغوط الأميركية الى حد الإفقار والتجويع لكل من لبنان وسوريا والعراق وإيران.

عادة، قد يكون من مصلحة المأزوم أن يدفع الأمور الى التوتر وذلك أملاً بتخفيف الحصار والضغوط القصوى التي تُمارس عليه. ولكن، من المتعارف عليه أيضًا، أن كل طرف يحاول أن يجرّ الخصم الى اللعب في ملعبه، أو يقوم بدفع الامور الى وضع يمتلك فيه الأدوات الأقوى. ومن هذا المنطق، قامت إدارة الرئيس الأميركي باستعمال الضغوط الاقتصادية والعقوبات باعتبارها السلاح الأفعل والأقوى التي تملكه الولايات المتحدة ويجعلها تضغط على أعدائها بأقل الخسائر (نسبيًا).

منطقيًا، في حال أرادت قوى المقاومة أن تستخدم السيناريو الحربي لدفع خيار الجوع، فإن من مصلحتها استخدام الحرب بالوكالة، واستنزاف القوى المعادية في معركة يتقنونها ويملكون فيها الأدوات اللازمة. لذا فإن القرار بالتصعيد العسكري لتخفيف الضغوط الاقتصادية (إذا أتُخذ) لن يكون الى حدّ الوصول الى التسبب بحرب شاملة لن تفيد "المحور" ولن يكون له اليد الأعلى فيها، بل تكون بضربات موجهة وبأماكن موجعة للخصم لا تؤدي الى تدحرج الأمور الى ظرف لا يمكن السيطرة على نتائجه.

وهكذا، يمكن القول أن السيناريوهات العسكرية الآنفة لا تبدو متوفرة لمن يريدها أو يدفع إليها. علمًا أنه لا يبدو أن هناك انفراجًا سريعًا في الأزمة الاقتصادية التي تضرب منطقة المشرق بأكمله، والتي تحتاج الى صبر وإرادة صمود، لتمر هذه الأزمة كما مرت سابقاتها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل