الثبات ـ من ذاكرة التاريخ
90 عاماً مرت على إعدام شهداء "ثورة البراق" في فلسطين محمد جمجوم، وفؤاد حجازي وعطا الزير.
وثورة البراق هو الاسم الذي أطلقه الفلسطينيون على اشتباكات اندلعت في مدينة القدس في 9 آب 1929، أيام الانتداب البريطاني على فلسطين وامتدت بعد أيام لمدن فلسطينية أخرى.
وإبان فترة الحكم العثماني سُمح لليهود بإقامة طقوسهم قبالة الحائط البراق الذي يعتبر وقفاً إسلامياً، لكن مع مرور الزمن ادعى اليهود أن حائط البراق من بقايا "الهيكل" المزعوم.
وفي 15 آب من العام 1929 الذي وافق يوم ذكرى ما يسمى بـ "خراب الهيكل" المزعوم، وبالتزامن مع احتفالات المسلمين بالمولد النبوي الشريف نظمت حركة "بيتار" الصهيونية اليمينية مظاهرة ضخمة احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في القدس، يصيحون "الحائط لنا" وينشدون نشيد الحركة الصهيونية.
وبدأت قصة إعدام شهداء ثورة البراق بعدما اعتقلت الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين بعد اندلاع ثورة البراق التي بدأت عندما نظم اليهود المظاهرة.
وقامت شرطة الانتداب بإعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم جميعًا بالإعدام في البداية، لينتهي الأمر بتخفيف هذه العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق ثلاثة محكومين هم: فؤاد حسن حجازي، محمد خليل جمجوم وعطا أحمد الزير.
ونفذ حكم الإعدام بحق الشهداء الثلاثة جمجوم وحجازي والزير في 17 يونيو 1930 بسجن مدينة عكا المعروف باسم (القلعة).
وفؤاد حجازي ولد في مدينة صفد-شمال فلسطين عام 1904، تلقى دراسته الابتدائية في مدينة صفد ثم الثانوية في الكلية الأسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت.
وشارك حجازي بفعالية بمدينته في ثورة البراق التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص.
وكان حجازي الأول من بين المحكومين الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني في يوم 17-6-1930، بسجن القلعة بمدينة عكا، وأصغرهم سناً.
وسمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام، كتب وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها يوم 18-6-1930، بخط يده وتوقيعه، وقد قال في ختامها:
"إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة، إن هذا اليوم يجب أن يكون يومًا تاريخياً تلقى فيها الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".
أما محمد خليل جمجوم فولد بمدينة الخليل عام 1902م وتلقى دراسته الابتدائية فيها وأكمل دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت وشارك في الأحداث التي تلت ثورة البراق ضد يهود صهاينة في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين.
وعرف محمد خليل جمجوم بمعارضته للصهيونية والإنتداب البريطاني وبعد أحداث ثورة البراق أقدمت القوات البريطانية على اعتقاله في 1929م، وكان تطبيق حكم الإعدام شنقاً في محمد خليل جمجوم الساعة التاسعة صباحاً.
أما عطا أحمد الزير فقد ولد في مدينة الخليل-فلسطين عام 1895م، عمل في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية.
وكانت له مشاركة فعالة في مدينته في ثورة البراق، وتم إعدامه في سجن القلعة بمدينة عكا، على الرغم من الاستنكارات والاحتجاجات العربية وهو كان أكبر المحكومين الثلاثة سنًا.
ومن نتائج أحداث ثورة البراق التي امتدت من الخليل وبئر السبع جنوباً حتى صفد شمالا 116 شهيدًا فلسطينيًا و133 قتيلاً صهيونياً، و232 جريحًا فلسطينيًا و339 جريحاً يهودياً.