"التجويع الدقيق" .. لمواجهة "الصواريخ الدقيقة" ! ـ د. نسيب حطيط

الخميس 11 حزيران , 2020 10:50 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

 يتعرض الناس لخديعة كبرى، حيث بدأت الحرب عليهم دون ان ينتبهوا ،كما وكأنهم في حلقة "تنويم مغناطيسي" او بسبب الإلتباس عن ماهية الحرب الجديدة،فقد اعتاد الناس على الحرب بالقصف والقذائف وخطوط التماس والقتلى بالرصاص ..لكنهم الآن يعيشون تحت نيران الحرب الاقتصادية والنفسية بسلاح فتاك من نوع (التجويع الدقيق) الذي لا خطوط تماس محددة له، فهو على حدود كل الشفاه الجائعة من الأطفال الى العجائز الى المدنيين والعسكريين الى الحزبيين والى المستقلين الى كل المقيمين مهما كانت جنسياتهم .

لا زالت الناس في الشوارع تهيم على المحال تتفقد جيوبها وكل مدخراتها التي بقيت بعد ان تم سرقتها بشكل منظم وموصوف عبر المصارف ومن يحميها وبدأت البطالة تتوسع واعداد العاطلين عن العمل والمطرودين تتكاثر ..والأمن الاجتماعي والأخلاقي مهدد بالإنهيار في غياب المعالجات ، اما إدارة المعركة الاقتصادية او المقاومة الاقتصادية فلا يزال السياسيون والجمهور العام يعيشون وكأن شيئا لم يتغير او يتبدل مع ان الأمور انقلبت رأسا على عقب وان الإنهيار نحو الأسوأ لا يزال مستمراً وموجات الجوع والفقر بدأت تضرب نسيجنا الإجتماعي وتهدد امننا العام.

لا بد من إدارة ومواجهة الحرب الاقتصادية وحرب التجويع والحصار التي تشنها اميركا كسلاح أخير لإجبارنا على الإستسلام او على الأقل عدم عرقلة مشاريعها من "صفقة القرن" الى التطبيع الى احتلال العالم العربي والى إعادة احتلالنا بشكل ناعم ..ونحن لا نقول بضرورة الإستسلام والمبايعة لأميركا ..لكننا نرفع الصوت لإدارة الحرب بشكل افضل واكثر احترافية وشمولية والتفتيش عن مصادر قوة اقتصادية تؤمن الصمود المعيشي لأهل المقاومة لمدة سنتين على الأقل او في أسوأ الحالات الى العام المقبل لتبيان الخيط الأميركي الأسود من خيط المقاومة الأبيض.

لماذا نحاصر انفسنا مع حصار اميركا لنا ؟

لماذا لا نفتح الحدود مع سوريا والعراق حتى نتنفس اقتصادياً ؟

لماذا لا نتجرأ على بدء المقاومة الاقتصادية كما تجرأنا على بدء المقاومة العسكرية في ذروة الهزيمة والإستسلام العربي والفلسطيني وتآمر العالم؟

لماذا لا نفتح الحدود ونقيم سوقا مشتركة بين لبنان وسوريا والعراق وايران ودول الشرق مثال الصين وروسيا؟

هل تنتظرون ان تتفجر الأوضاع الاجتماعية حتى تبادروا الى معالجة الأوضاع الصعبة للناس ؟

اميركا ومن معها لن يتوقفوا عن محاصرتنا كما حال "كفار مكة" في حصار المسلمين ورسول الله (ص) في شعاب مكة ..سيطول الحصار ولن يكون بالأشهر بل يمكن ان يستمر سنوات ،فإما ان نستسلم ونقايض حريتنا وسيادتنا وسلاحنا مقابل رغيف الخبز و"تصفير" كل انتصاراتنا حتى لا يجرؤ احد ان يقول اننا انتصرنا على العدو الإسرائيلي بل كانت مجرد معركة في حرب ربحناها لكننا لن نربح الحرب المستدامة !

اين هيئة الطوارى الإقتصادية والإجتماعية التي ستدير المرحلة المقبلة لترشد الناس إلى الأفضل!.

 أين خطة تخزين المواد الأولية من القمح والمحروقات والأدوية ؟

في الحرب تعطى الإرشادات للنزول الى الملاجىء او عدم التجول او إطفاء الأضواء و...في الحرب الإقتصادية لا بد من ترشيد الناس بتقليل مصروفها والإستغناء عن الكماليات عن الفواكه عن الحلويات عن كل امر يمكن الإستغناء عنه الى التقليل من كميات الطعام والماء الى عدم التنوع في المأدبة الواحدة الى عدم رمي الفائض من الطعام الى ...

نحن في قلب الحرب الاقتصادية التي ستضيّق الخناق علينا اكثر فأكثر، طالما نحن العائق امام تصفية القضية الفلسطينية برضى اغلب اهلها ومعظم العرب والمسلمين .ولم يبق امام اميركا سوى نحن في حلف المقاومة، وبالتالي فإن اميركا امام فرصة تاريخية اذا لم تنتصر فيها ..فستخسر استراتيجيا على مستوى المنطقة والعالم وكذلك الصهيونية العالمية ولذا فإن الحرب قاسية ومتوحشة ستطال كل واحد منا وعلينا المواجهة مع لفت الإنتباه الى ان استسلامنا وتسليمنا للسلاح لن ينقذنا من فم التمساح الأميركي والصهيوني بل سيثأر منا بتوحش لأننا اتعبناه ولأننا قاومناه .وسيكون عقابه لنا شديداُ وانتقامياً وسيعاملنا مهزومين واسرى وسبايا ..

لا سبيل لنا الا المقاومة والصمود لكن بعقلانية وتخطيط وتكافل...لقد تأخرنا في "بناء" خطوط الدفاع الاقتصادية  والإجتماعية... فلنبادر قبل فوات الأوان...!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل