أقلام الثبات
الطابور الخامس... تسمية مُتعارف عليها عالمياً لطرفٍ من خارج الصراع ، يتدخَّل لتأجيجه، ومن السهل إطلاقها تجنُّباً لتسمية الأمور بأسمائها والهروب الى الأمام عبر تجهيل كل فاعل "سبعة وذمَّتها" بمصير وطن، كانت الميليشيات وما زالت منذ الطائف تحكُمه وتتحكم به تحت ذريعة الوفاق الوطني!
ما حصل يوم السبت الماضي، تداولت وسائل الإعلام وحتى المصادر الأمنية تفاصيله، وليس الغريب فيه بروز مشاركة جنسيات عربية في أعمال الشغب، سواء على مستوى لاجئين أو نازحين، بل أن السُحنة السودانية أيضاً كانت متواجدة، وانتهى ذلك النهار بليلٍ طويل ثارت ثائرة "الثوار" فيه على التعرُّض للرموز الدينية، وما زالت مفاعيل هذا الخطاب موجودة في الشارع الذي اختلطت عنده الأمور بين جائعٍ مقهور ومُرتَزَقٍ مأجور.
اللافت في تداعيات السبت، أن الكلّ أجمع على أن الفتنة تُطِلُّ برأسها، والبعض أعادنا الى حكاية بوسطة عين الرمانة رغم أن الأرض لم تعُد كما كانت عام 1975، والشعب اللبناني فقد الإرادة والقُدرة على إنتحارٍ مماثل، ومع ذلك، أعلنت أكثر من جهة ميليشيوية رسمية أنها لن تسمح بتكرار ما حصل يوم السبت، بمعنى، أن الميليشيات التي في السلطة ستقمع الميليشيات التي تحاول المعارضة تكوينها، لأن القرار بالتوتير دولي - إقليمي، يأتي على خلفية البدء بتطبيق قانون "قيصر" وخنق لبنان ومعه سوريا أمنياً بعد أن تمّ الشنق الإقتصادي والمالي.
من السهل علينا أن نرمي كل التبعات على "طابور خامس" وتنتهي الأمور بالتكاذب المتبادل، لكن الطوابير الخامسة في لبنان معروفة، وهي تبدأ من زعيم أو قائد حزب يُجاهر بمواقفه السلبية من العهد ومن سلاح المقاومة، وتنتهي عند كل متظاهر قاطع طريق من عكار الى طرابلس، مروراً بجبيل والذوق وجل الديب وجسر الرينغ وطريق الجديدة وخلدة والناعمة وصيدا، وصعوداً الى عاليه والشوف، ووصولاً الى البقاع الأوسط، فأين الطوابير الخامسة المجهولة التي تُدير فصائل مذهبية باتت تُشكِّل ميليشيات ولو كان عديد الواحدة منها بضع عشرات من الشباب والأولاد المُحتاجين للدولار والليرة لأنهم بلا عمل؟!
اعتقدنا أن أحداث السبت قد علمتنا، وأن الجيش اللبناني الذي نجح في منع الفتنة في ذلك اليوم، سوف تُطالِب به كل القوى السياسية و"الميليشيوية الرسمية" ليتبيَّن، أن الجيش وسط هذا الشحن المذهبي المُتبادل مُطالب باعتماد النأي بالنفس عن الغطس بوحول المذهبيات.
بناء عليه، إذا كانت "الميليشيات الرسمية" قادرة على ضبط بعض الشوارع المذهبية، فإن العمل الميليشيوي "غير الرسمي" بدأ في لبنان عام 2007 على خلفية أحداث نهر البارد، وبات محللاً لأشرف ريفي أن تكون له ميليشيا في طرابلس، ولأحمد الأسير في صيدا، ولأنصار "الثورة السورية" ميليشياتها من عكار الى طرابلس الى عرسال وصولاً الى البقاع الأوسط، وإذا كان الجيش اللبناني بفضل دعم الأغلبية من الشعب اللبناني له استطاع وأد كل الفِتَن السابقة، فلماذا لا تلجأ الميليشيات الرسمية الى تبنِّي بندقية الجيش لقمع طفيليات الميليشيات غير الرسمية؟ والجواب: زعماء الميليشيات الرسمية قياصرة، وتحت راية حكمهم يسرح الطابور الخامس، لأنهم يمتلكون أوراق كل الطوابير، من الأول الى الأخير، ولن يتخلوا عن عروشهم حتى ولو انهار عرش لبنان أمام المصائب القادمة علينا من قانون "قيصر"...