ادارة ترامب بين "التنازل المهلك" .. أو "دمار الهيكل"! ـ يونس عودة

الثلاثاء 09 حزيران , 2020 08:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

اسئلة كثيرة واكبت الاحتجاجات التي اجتاحت الولايات الاميركية بعد خنق صاحب البشرة السوداء - المواطن الاميركي - جورج فلويد , لا بل فان سيناريوهات عدة توقعها العالمون بخبايا المجتمعات الاميركية المتناقضة في التكوين الثقافي والاجتماعي , ومن السيناريوهات الواقعية, تحول الحرب الباردة في تلك المجتمعات الى حروب دامية ,بين الساعين الى الانعتاق من هيمنة المتطرفين البيض الذين يحاولون العودة الى ازمنة الاسترقاق المعشش في نفوسهم ,وبين نظام كشر عن انيابه كخلاصة حقيقية للكذبة الفاقعة عن "الحرية والديمقراطية".وازالة القيود العنصرية من النصوص .

ان ما شهدته المدن المركزية في الولايات المتحدة ,- المتحدة حتى الان- بوجود شخص في البيت البيضاوي ,تسري في كل عروقه ,العنصرية والاستعلائية والشوفينية , كدونالد ترامب يمكن لاي كان ان يتوقع, استنادا الى ثقافة العنف على كل المستويات , والمقدمات التي شهدها العالم عبر الشاشات والافلام المسربة كانعكاس للكراهية العميقة وخطابها غير المتردد ,ان مخاطر زعزعة استقرار الوضع كليا في الولايات المتحدة، اكثر من ممكن ,لأن هناك عدم توازن إقليمي وقيود عنصرية وغيرها، وهناك الكثير منها في الولايات المتحدة الأميركية. يمكن ان تؤدي الى حرب أهلية –اين منها الحرب بين الولايات،"الشمال الجنوب", في منتصف القرن التاسع عشر،وعليه  ستكون حرب الجميع ضد الجميع - وهذا حتما ما يخشاه ترامب، ولذلك، فهو يهدد بإرسال قوات, للقبض على الوضع قبل ان "يفلت الملق" على غاربه .

في سبعينيات القرن الماضي - في عهد ريتشارد نيكسون كان التعصب الاعمى المجبول بعنصرية تتجاوز الفاشية ,يحكم الولايات المتحدة التي تخوض حربا غير مسبوقة في فاشيتها ضد فييتنام , ولانها تحتاج وقودا بشرية مقاتلة في تلك الحرب غازلت ذوي البشرة السمراء عبر تنقية قيود عنصرية من القوانين , لتشجيع هؤلاء على القتال كمواطنين ,مع حملات اعلامية تظهر لياقة كاذبة اتجاه المواطنين من اصول افريقية ,بالتوازي مع منع مناقشة قضايا العنصرية. لكن بعد نصف قرن تقريبا لا تزال المشكلة نفسها ولم تغادر او تخف، بل استمرت في النمو باضطراد, وتكشف عن قباحتها عند اول حادثة , مهما كانت بسيطة.وهذه مؤشرات ذات دلالة كبرى على ان الامور قاربت مرحلة النضوج الكامل بعد فترة السماح الطويلة من أجل العدالة والمساواة .

لا شك ان صراعا سياسيا غير مسبوق ايضا بين الحزبين المتناوبين على السلطة , اي الجموريين والديمقراطيين , فالديمقراطيون كما يرى احد الخبراء "يدافعون عن كل أشكال الأقليات، بينما الجمهوريون يناصرون النزعة المحافظة التقليدية البيضاء. ما يجعل الانقسام، عميقاً للغاية، سواء في الثقافة أم في الأخلاق بحيث يكاد يكون من المستحيل قيام صداقة شخصية بينهما. وما كان طبيعيا في أمريكا من قبل، عندما كان يتصادق أشخاص من وجهات نظر سياسية مختلفة ويتواصلون، لم يعد موجودا. فالآن، بين الجمهوريين والديمقراطيين فجوة نفسية. وهذا عرض مثير للقلق بالنسبة للبلاد".

بناء على وجهة النظر هذه , وهي تشخيص غير منحاز, سيكون هناك سعي لاستخدام ذوي البشرة السمراء لحل الصراع السياسي في الولايات المتحدة، الذي سيحتدم أكثر,مع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية , فالمتطرفون البيض يريدون من ادارة ترامب تعاظم الضغط على الشرائح الاخرى وعلى راسها ذوي البشرة السوداء , وهؤلاء يشجعون على الافراط في استخدام القوة القاسية مع تشديد الخطاب التهديدي وإلا فإن أميركا -الدولة العميقة- سوف تتخلى عنه،اذا لم يسحق الاحتجاجات , قبل ان تتعاظم بشكل يهدد الاتحاد, وتكون الفاتورة الاقتصادية - المالية صعبة على الاحتمال الكياني ,وهذا الكيان احدى ركائزه شركات التأمين المضطرة الى دفع بدل الاضرار الناجمة عن الاحداث وهذا  الأكثر كلفة بالنسبة للبزنس والمجتمع الأمريكي.

لقد أوضح ممثل معهد معلومات التأمين لمجلة "كليمس" أن الاضطرابات المدنية تعد أحداثا تأمينية، ووقوعها وارد في أي وثيقة تأمين تقريبا لرجال الأعمال. والبضائع التي سرقها اللصوص مشمولة بالتأمين", وبناء على حالات سابقة من الاحتجاجات الشعبية في الولايات المتحدة، فإن "النتائج المستخلصة" ستكون غير مسبوقة.

.ووفق معطيات المعهد، فإن حوالي 40% من الشركات الأميركية الصغيرة والمتوسطة الحجم مؤمنة أيضا ضد توقف عملها المؤقت. حتى إذا تم إغلاق العمل أو تشغيله بقيود بسبب الفيروس التاجي، فإن معظم شركات التأمين ستحدد نقص الإيرادات، بناء على تقدير متوسطها السنوي,"لا أحد، باستثناء شركات التأمين، سوف يعوض الضحايا عن الخسائر، في النزاعات الخاصة. إلا أن شركات التأمين ستبحث عن أكبر قدر ممكن من الأسباب للتنصل من دفع التعويضات".وهي حقوق غير قابلة للنقاش لكنها سوف يتم "تقريشها" بالسياسة .

اذا, فالولايات المتحدة امام منزلقات عدة , وادارة ترامب امام احتمالين لا ثالث لهما , اما ان تتنازل , والتنازل يجب ان يكون على مستوى الجريمة الكبيرة , وهذا ما سيؤدي الى انفكاك المتطرفين اعوانه,عنه, وبالتالي لن يرى الولاية الثانية, واما ان ينتقل الى البطش, وهذا الامر قد يدمر الهيكل .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل