الأميركي يحمي الفساد ـ عدنان الساحلي

الجمعة 05 حزيران , 2020 10:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تمارس الإدارة الأميركية الفساد داخل بلادها. كما أنها تحميه وتنشره بالقوة في الخارج. وما يجري في مدن الولايات المتحدة حالياً؛ هو الوجه الآخر لما تنفذه أدواتها في لبنان وغيره من الدول الخاضعة للنفوذ الأميركي. وهذه الحقيقة الساطعة التي تدفع الشعوب ثمنها من دمائها وسعادتها ومستقبل أجيالها، هي نتيجة عقلية التسلط والهيمنة والجشع، التي تعتبر من الشروط الثابتة لتولي الشؤون الأميركية، التي يديرها ويتسلط عليها اللوبي الصهيوني المعروف.  

أحداث الولايات المتحدة المستمرة، أكدت المؤكد وبات العالم يشاهد ممارسات السلطات الأميركية القمعية؛ وتصرفاتها الوحشية وعنصريتها الفاشية وتمييزها الغرائزي، بين لون ولون وبين إنسان وإنسان؛ فهي تكيل  بمكيالين مختلفين، واحد للحكام وأخر للمحكومين. وهذه العقلية الإجرامية رافقت نشوء المجتمع الأميركي، منذ أن أباد الغزاة البيض الهنود الحمر، سكان أميركا الأصليين. وحتى اليوم.

وكما ظهرت هذه السياسة بكل فجورها، في تعاملها مع الأميركيين من أصول أفريقية ومع الملونين، ها هي تفتضح في لبنان، في أمر عملياتها لأتباعها ومرتزقتها، لتبديل أولويات الشعب اللبناني، الذي يئن من الظلم والفساد ومن سرقة أمواله؛ ومن تسلط قلة فاجرة عليه، عصبها كبار المتمولين من أصحاب المصارف، المتحالفين مع زعماء الطوائف، فإذا بالأميركي وأتباعه وبهدف فرض سياساته ومصالحه من جهة، ولحماية أتباعه هؤلاء، من جهة ثانية، يعمل على حرف حراك اللبنانيين وتظاهرهم ضد الفاسدين الذين نهبوا ثرواتهم وأملاكهم، وأهدروا أموال خزينتهم العامة وميزانياتها السنوية؛ فيحاول تغيير بوصلة الحراك المنتفض ضد الفساد، ليوجهه ضد سلاح المقاومة، الذي حمى لبنان وما يزال هو الذي يحميه ويردع العدوانية "الإسرائيلية" وأطماعها. كما كان لهذا السلاح لدور الأول والفضل الأساس، في طرد الهجمة التكفيرية المدفوعة أميركياً و"إسرائيلياً"، التي إستهدفت لبنان، في سياق الحرب المعادية ضد سورية وجيشها وشعبها وقيادتها.

يريد اللبنانيون إسماع صوت إعتراضهم على السياسات المالية والإقتصادية التي إعتمدها إتباع أميركا في لبنان، خلال العقود الماضية. وأدت إلى إفقارهم وإفلاس خزينتهم وسرقة أموالهم وتهريبها إلى الخارج. وكذلك، أدت إلى إذلالهم على أبواب المصارف وهم "يتسولون" الحصول على بعض مالهم الشخصي المودع فيها. لذا فإن أولوية اللبنانيين هي محاربة الفساد ومواجهة الفاسدين.

لكن للأميركي رأي آخر وأولوية مختلفة، فهو يريد حماية الفاسدين، من جهة لأنهم أدواته في السيطرة على القرار اللبناني. كما يريد نزع السلاح النوعي للمقاومة، لأن هذا السلاح يقف حائلاً دون فرض الشروط الأميركية والمطالب "الإسرائيلية" على لبنان. وهي باتت معروفة للقاصي والداني وتعتبر عدواناً على لبنان وسرقة لثرواته وقضماً لآراضيه.

رفع اللبنانيون الصوت، على سبيل المثال، إعتراضاً على التبعية العمياء التي ينفذ فيها حاكم مصرف لبنان الأوامر الأميركية، إن كان في تنفيذ العقوبات الأميركية ضد كل من يخالف سياستها، أو في إعتماد سياسة إفقار لبنان وتجويع شعبه، بما يتيح للأميركي فرض سياساته وشروطه "الإسرائيلية"، لكن السفيرة الأميركية في بيروت وبكل وقاحة، كانت بالمرصاد ودافعت عن رياض سلامة. وبالتهديد والوعيد فرضت بقاء هذا التابع لها في أعلى منصب مالي لبناني.

كما رفع اللبنانيون الصوت ضد النظام الطائفي وصيغة المحاصصة الطائفية، التي تصنع فساد الحكم والإدارة وتحميه فيهما. وهذا النظام يربط مصيره بالعلاقة مع قوى الهيمنة الغربية والإستعمارية. ولذلك يرفض بعناد أي توجه نحو الشرق، للتعاون مع دول مثل الصين وروسيا وإيران، بما ينقذ الإقتصاد اللبناني ويمنع تعرض اللبنانيين لخطر المجاعة. وليس بعيداً اليوم الذي ستعترف فيه السفيرة الأميركية، عن كمية الأموال التي صرفتها لحماية هذا النظام ورموزه. على غرار ما فعل زميلها الأسبق جيفري فيلتمان، الذي قال أمام الكونغرس الأميركي، أنه صرف أكثر من خمسمائة مليون دولار أميركي لتشويه صورة حزب الله في لبنان. وبالتاكيد، تم ذلك خدمة للعدو "الإسرائيلي"، الذي يحتل فلسطين ويهدد بأطماعه التوسعية كل جوارها العربي.

ولأن التظاهر ضد سلاح المقاومة، هو مطلب وفعل "إسرائيلي" بامتياز، فهو يحتم على الدولة والأجهزة اللبنانية التصدي له. لكن إنتظروا إذا حصل ذلك، أن تتدخل سفيرة واشنطن لحماية العملاء، الذين هربت نموذجاً عنهم. فالخونة والفاسدون في سلة واحدة خدمة للسياسات الأميركية.     


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل